& &محمد البشاري

استكمالاً ووفاءً للعهد الذي جمع بين الأب المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الحسن الثاني – رحمهما الله – تستمر أواصر الأخوة والترابط بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية، إذ شهدت العلاقات الإماراتية- المغربية تطوراً مهماً في كافة المجالات، من اقتصاد وتجارة وثقافة وغيرها، إضافة لما زاد من متانة وقوة الروابط في علاقة البلدين، من اتفاق وجهات النظر تجاه القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وسعيهما لتنويع مجالات التعاون، واستقطاب الاستثمارات المجدية والدافعة بازدهار البلدين، تحقيقاً للاستفادة المشتركة والارتقاء بكافة مجالاتها. متميزةً كما لا تزال رؤى البلدين، بالانسجام، خصوصاً من خلال السعي لتحقيق الاستقرار والأمن ودعم مقومات السلام، وتجذير قيم التسامح والتعايش والتسامح في العالم، ونبذ الإرهاب والتعصب والتطرف، دفعاً بعملية صنع التنمية المحققة لمصالح الشعوب، وتعميق التعاون الدولي.
كما عكست الزيارات العديدة للعاهل المغربي محمد السادس، للإمارات التزام الدولتين بواجبات الشراكة الاستراتيجية، ولا تكاد تلتقي الجهات الرسمية للدولتين في أحد المحافل إلا وتظهر مؤكدة ومشددة على رصانة العلاقة ورسوخها، شعباً وقيادة. فلقد أكدت الدبلوماسية الإماراتية مؤخراً خلال اجتماع لجنة 24 في نيويورك على مساندة الإمارات العربية المتحدة لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، مثمنةً جهود المملكة للتوصل إلى حل سياسي نهائي. إضافة لتأييد الإمارات موقفها وانخراطها المستمر مع الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي وعادل ومستدام لقضية الصحراء، بل رحبت الإمارات بعقد الأطراف جولتين من المحادثات برعاية الأمم المتحدة، وبموافقتها على عقد جولة ثالثة من المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي، في ظل الحكم الذاتي المؤكد على مغربية الأقاليم الجنوبية.&

وتمتد روابط التعاون بين البلدين في كافة المجالات، فقد أكد وزير الخارجية والتعاون الدولي، سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان خلال أعمال الدورة الخامسة للجنة الإماراتية- المغربية، وبحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة دعم الإجراءات المغربية، فقال «إن العلاقات المتميزة التي تربط البلدين هي اليوم في أجمل صورها، ولا بد من استمرار هذه الجهود المبذولة في تحقيق الإنجازات على الصعد كافة والمضي قدماً نحو آفاق جديدة من التميز والازدهار في العلاقات الثنائية بما يلبي تطلعات القيادة العليا وشعبي البلدين». ويُشهد للمملكة المغربية مواقفها الثابتة في الوقوف بجانب الإمارات، ودعم موقفها في حقها وسيادتها على جزرها الثلاث، التي تحتلها إيران (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى)، ومطالبتها لإيران بإنهاء هذا الاحتلال.

ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الإماراتية- المغربية، تحظى باهتمام واسع من قيادات البلدين، ويقف شاهداً على ذلك - مثلاً - نشاط الحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ومن ذلك الاستثمارات الإماراتية في المغرب مثل في شركة «اتصالات المغرب»، وتربعها كمستثمر أول في بورصة الدار البيضاء، وتدشينها لـ«مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان» في الدار البيضاء، ومصنع «أفريقيا» للأسمدة، ومعمل تحلية مياه البحر، إضافة لاستثمارات«دبي القابضة»، و«إعمار»، و«صندوق أبوظبي للتنمية» كأكبر الاستثمارات الإماراتية على الأراضي المغربية، إضافةً لاهتمامها بالاستثمار في مجال صناعة قطع الطائرات. وتستقبل الإمارات نسبة لا بأس بها من الصادرات المغربية، سواء من الحوامض، والملابس، والثروة السمكية، والمنسوجات القطنية، والسيارات الخاصة، وتنامي أعداد السياح المغاربة.

أما على الصعيد العلمي والثقافي، فتحتضن «جامعة محمد الخامس» في أبوظبي خيرة الطلبة الإماراتيين وما يزيد على 50 أستاذاً من مختلف الجامعات المغربية، ولنا أن نتخيل حجم الرصانة والمحبة في العلاقة بين البلدين على مستوى إحدى الفعاليات الثقافية المقامة في أبوظبي منذ أقل من شهرين، إذ تزينت أرض المعارض بأكثر من23 ألف زائر خلال فعالية «المغرب ترحب بكم»، بتنظيم وإشراف سمو الشيخ منصور بن زايد وزير شؤون الرئاسة، كما تشارك الإمارات في أبرز الفعاليات الثقافية المغربية، ولعل ذلك يعود أيضاً لتقارب المظاهر التراثية والقواسم الحضارية المشتركة المتجسدة في ثقافة الصحراء الشعبية، لترى الإمارات من أبرز المشاركين في مهرجان «طانطان» الثقافي المغربي. والملك محمد السادس على رأس الحاضرين في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي.&
إن للشراكة الإماراتية- المغربية، أنموذجاً مميزاً متناغماً، وتجربة متميزة واستثنائية في العلاقات الدولية الصلبة المنيعة، التي تستمد أسسها من الأخوة والصداقة وديمومة تضامنها الذي يمثل خير إرث من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الحسن الثاني، رحمه الله، مما يجعلها علاقة رصينة منسجمة مباشرة بمستقبل واعد للعلاقة والتعاون في ما بينهما.&

&