صفوق الشمري

من محاسن الصدف أن يكون اجتماع قمة العشرين في أوساكا مدينتي العزيزة، ويكون الاجتماع القادم في أغلى المدن على قلبي، معشوقتي ومرتع طفولتي الرياض، وما أدراك ما الرياض.

أولاً، أريد الترحيب بولي العهد الأمير محمد بن سلمان في اليابان وفي أوساكا خصوصا، قائد الرؤية والتجديد وابن الغالي علينا جميعا شيخنا نحن أهل الرياض، وملكنا نحن السعوديين سيدي خادم الحرمين.

ربما لسان حالي يصف حال كل السعوديين، يرحبون بمقدم ولي العهد الأمير محمد، ولكن بما أنه ربما أنا الأقدم بأكثر من عقد من الزمن في اليابان، فنقول حللت أهلا ونزلت سهلا يا أبا سلمان في أجمل مناطق اليابان وأكثرها عراقة، وربما أضيف ميزة يستغربها البعض، أكثرها شبها بالمنطقة التي ترعرعنا فيها، وهي وسط المملكة.

دائماً ما كنت أُسال كيف استطعت أن تعيش في أوساكا واليابان لأكثر من عقد من الزمن، سواء عندما كنت أحضر الدكتوراه وبعدها عندما أصبحت أستاذا في الجامعة، وكنت أقول لو لم تكن أوساكا لربما لم أعش فيها طوال هذا الوقت.

أوساكا خاصة ومنطقة كنساي على العموم وهي عبارة عن ثلاث مدن رئيسيةـ كوبي وأوساكا وكيوتو ـ كأنها مدينة واحدة مقسمة إلى ثلاثة أقسام، حتى الزائر لا يلاحظ الانقسام بينها إذا ركب القطار لأن المساكن مستمرة، لكن طباع أهل أوساكا معروفة، وتختلف عن بقية اليابان من خلال أنهم شعب مرح، وعندهم تقبل للآخر أكثر من البقية، ربما أهل طوكيو معروفون بالرسمية بالتعامل، لكن أهل أوساكا أكثر اليابانيين ودا ومرحاً، وأيضا هم تجار بطبيعتهم وبتاريخهم، كثير من تجار اليابان حتى الذين ذهبوا إلى طوكيو هم من أهل أوساكا، ربما المكان النادر الذي لا يرى فيه بأس حين يكاثر التاجر في الأسعار هو أوساكا لأنهم يعتبرونه نوعا من المهارة والنقاش المحبب مع الزبائن عكس أهل طوكيو.

أيضا تاريخيا العاصمة القديمة لليابان هي كيوتو وهي مدينة عبق التاريخ دون شك، وفيها حضارة هائلة، كنت أقول لأصدقائي إن منطقة أوساكا تشبه القصيم لأن أصدقاء طفولتي من القصيم، ترعرعت معهم وكانوا يتعجبون إلى أن زارني بعض الأصدقاء وزاروا عدة مناطق في اليابان، ووصلوا إلى نفس الاستنتاج الذي يقول إن أوساكا وكنساي عموما تختلفان كليا عن بقية اليابان، خصوصا الطباع المحببة، السفر والاختلاط بالناس والتجارة، وطبعا معروفة بالطب تاريخيا وحديثا، فأفضل جامعات اليابان في الطب هي أوساكا وكيوتو.

فعلا إنه المكان المناسب لعقد قمة عالمية للتجارة والاقتصاد والسياسة كقمة العشرين، ووجود السعودية في مجلس حكم العالم أو مجلس إدارة العالم وشؤونه له دلالة كبرى على وضع المملكة الدولي، الأرقام لا تحتاج تفسيراً، فهذه الدول العشرين لديها ثلثا التجارة في العالم، وأيضا تمثل أكثر من 90 % من الناتج العالمي.. أي أن 90 % من ثروة وإنتاج العالم بين يديها. والذي بدأنا نشهده أخيرا أن هذه المجموعة ليست فقط للشؤون الاقتصادية فقط، بل أيضا الشؤون السياسية وغيرها، أي أنها أصبحت مطبخ سياسة العالم وقراراته، وهذا شيء طبيعي فالسياسة والاقتصاد توأمان.. صحيح أنها تسمى قمة العشرين لكن في كل دورة يأتي عشرات زعماء الدول الأخرى للحضور، فهو تجمع عالمي سياسي اقتصادي بمعنى الكلمة، وهي حدث تاريخي كبير، والمهم أن دورته المقبلة ستكون في الرياض، أي أن الرياض ستكون عاصمة صنع القرار العالمي لسنة.

إذا كان العالم يتحدث عن التغيير والتجديد والإبداع الاقتصادي لمصلحة الشعوب، فإن المثال الحي الواضح هو «أبو سلمان»، قائد الرؤية التي دون أدنى شك جددت وغيرّت وجه المملكة، ووجه الاقتصاد السعودي والإقليمي والعالمي.. لم نعد دولة معتمدة فقط على مصدر واحد، بل كنا البنك المركزي العالمي للنفط فقط، وسنصبح البنك المركزي العالمي للطاقة، وسنصبح أكبر لاعبي العالم في المصافي والمشتقات والبتروكيماويات، وستصبح المملكة اللاعب الأكبر دوليا في مجال الصناديق السيادية، ولا أحد يستهين بالصناديق السيادية، فلها نفوذ هائل على المستوى الدولي.. خطوات ولمسات «أبو سلمان» علامة فارقة لاحظها البعيد والقريب، والقادم أفضل، فطموحه وطموح الشعب السعودي هو عنان السماء.

هناك نوعان من الحكام في منطقتنا، أناس تدعي للتدمير والقتل وتفجير الخطوط التجارية للعالم، والمثال الأوضح إيران ونظامها السادي، وهناك حكام يريدون التقدم والرفعة لدولها وجعلها في مقدمة دول العالم ومثاله محمد بن سلمان، لذلك مكان ابن سلمان محجوز بين قادة العالم، وله آراؤه ولمساته في مجلس إدارة العالم (جي 20) بينما الباحثون عن الدمار والتفجير والخراب اقتصادهم مهترئ ومخنوق ونظامهم محاصر ولا أحد يريد التعامل معهم مثل النظام الإيراني.

مرة أخرى نرحب بالأمير المجدد «أبو سلمان»، ونتمنى له طيب الإقامة، ونتمنى للعالم أجمع التقدم والازدهار، وأن تكون أوساكا فال خير عليهم في اجتماعهم.
&