&خالد الروسان&&

&يعد الإعلام من أهم الأسلحة التي تستخدم في الترويج للسياسات والتعبئة العامة وصناعة الرأي العام، عدا عن استخدامه كمنصة للتصارع والتنافس وتوجيه الرسائل، وما يهمنا في الوقت الراهن، الحال التي وصل إليها بعض الإعلام العربي؛ حيث وجدنا أنفسنا نشاهد إعلاماً تغيب عنه الموضوعية والإنصاف ومراعاة الصالح العام وثوابت الأمة ومصلحة الشعوب، ما يعني وجود حالة من الانفلات الإعلامي في بعض الساحات والفضاءات تعمل على صرف البوصلة عن مكانها الصحيح، وعلى تجاوز أوضاع وظروف الأمة الصعبة إلى ملفات وقضايا ثانوية سطحية في مجالات ومواضيع غريبة وغير مألوفة أحياناً لتحويل الرأي العام عن قضاياه المصيرية وممارسة سياسة الإلهاء المُمنهج لصالح أجندات وسياسات ومصالح معينة مما أوجد حالة من التشويش والفوضى في الساحة الإعلامية وأثّر بدوره على مجمل المشهد العام.


صحيح أنّه مورس سابقاً كثير من التضليل وقلب الحقائق في الإعلام الغربي، كما حصل في وسائل الإعلام الأمريكية مثلاً: أثناء الترويج لحرب العراق، وكما يحصل اليوم في وسائل الإعلام الغربية فيما يخص الإرهاب وكيفية محاربته وقضايا «الإسلاموفوبيا»، لكن ما يجري اليوم في بعض الساحات الإعلامية العربية فيه تجاوز كبير لرسالة الإعلام ومضمونه، والمنطق، والعرف والإجماع العام على دوره، حيث من المفترض أن يكون لنا ولقضايانا وليس علينا وعلى حساب أولوياتنا.

لك أن تلاحظ ـ على سبيل ـ المثال الكم الهائل من الموضوعات والقضايا التي تطرح وتتمحور حول فضائح ومشكلات تخص أوساطاً وأفراداً في المجتمع، ومحاولة تضخيمها ونشرها وصرف الناس بها عن معاناتهم وقضاياهم ومشاكلهم الحقيقية، حيث يتم افتعال صراعات ومماحكات، وعرض قضايا فيها تجاوز للخطوط الحمراء، التي تمس أحياناً الشعوب والمجتمعات وفكرها وتراثها وعقيدتها وأعرافها وثوابتها.. وهكذا.

لقد وصل الأمر بالبعض إلى القول: إنّه كلما تعرض فضيحة أو مشادة أو موضوع إشكالي في الإعلام العربي، سيكون هناك ثمة قرار يراد تمريره أو اتفاقية وقعت أو صفقة ما ستحصل، وكأنّ بعض هذا الإعلام كان فعلاً دوره هو إلهاء الناس وصرف أنظارهم والتشويش عليهم لصالح ذلك.