& خالد أحمد الطراح

احتفت الحركة النقابية الكويتية قبل عام من الغزو العراقي للكويت في 2 اغسطس 1990، باليوبيل الفضي لتأسيسها، اي ربع قرن من مسيرة حافلة بالانجازات، دفاعا عن مصالح عمال الكويت وحقوقهم النقابية. استكمل الاتحاد العام لعمال الكويت مسيرته الوطنية عبر نوافذ وجسور نقابية عربية ودولية، بالدفاع عن الشرعية الكويتية وسيادة الدولة خلال محنة الغزو، وقد كانت المهمة شاقة للغاية، خصوصا في ظل مواقف مخزية وصادمة لحركات نقابية عربية قدمت نكران الحقيقة والواقع على مزاعم وادعاءات باطلة لنظام طاغية بغداد صدام حسين. وثق الاخ الفاضل هايف عصام العجمي، رئيس الاتحاد العام لعمال الكويت خلال الفترة من فبراير 1990 الى مايو 1992، في كتاب من إعداده، مفضلا عدم وضع اسمه على الكتاب، انسجاما مع قناعة شخصية بان الغاية من النشر توثيق دور الاتحاد العام لعمال الكويت وليس لشخصيات بعينها.

سرد النقابي العجمي تفاصيل مرحلة مضنية من المواجهات والجولات في الوطن العربي والمواقف الصاعقة لبعض المنظمات المنضوية تحت مظلة الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، كالدورة الطارئة في تونس 27 - 28 اغسطس 1990 واجتماعات اخرى في عواصم عربية منها السودان حيث جرى «اجتماع مشبوه في الخرطوم» كما ورد في الكتاب.

تناول الكتاب المعنون «اضواء على مواقف وحركة التضامن النقابية العربية والعالمية» ايضا ما شهدته بعض العواصم الاجنبية كبراغ ومانشستر وغيرهما، فضلا عن اجتماع في العاصمة السوفيتية موسكو لأعمال المؤتمر الثاني عشر للاتحاد العالمي للنقابات الذي عقد في نوفمبر 1990، اضافة الى المؤتمر الاوروبي الطارئ للتضامن مع عمال وشعب الكويت في فبراير 1991 في لندن. هناك العديد من الشخصيات التي ساهمت في اعمال الاتحاد كعدد من اعضاء المجلس التنفيذي للاتحاد العام لعمال الكويت ومشاركة ايضا شخصيات اخرى عن نقابات حكومية، وشخصيات مستقلة ايضا، وهو برهان على تضامن كويتي بالعمل المشترك خلال مرحلة عصيبة من تاريخ الكويت. من المعروف ان ثمة تاريخا للاتحاد العام لعمال الكويت بالدفاع عن دستور الدولة والحريات والعمل النقابي ككل من كل اطياف الشعب الكويتي، فقد احتضن مقر الاتحاد العام لعمال الكويت سلسلة من الانشطة والندوات تضامنا مع مواقف سياسية ضد اي محاولات لتقليص الحريات والمساس بدستور 1962.

تحمل الاتحاد ثمن تلك المواقف، فمثلما واجه الشعب الكويتي بمختلف شرائحه وفئاته ورموزه السياسية، واجه ايضا عمال الكويت والنقابيون نفس مصير من نذر نفسه حينذاك للتصدي لأي عبث غير دستوري ومحاولات استهدفت النيل من مكتسبات ديموقراطية تحققت على ايادي الآباء والأجداد. نحن الان في ذكرى الغزو الأليمة، وهناك شخصيات من الممكن ان تثري عملية التوثيق لتاريخ دولة وشعب، وهو ما يستوجب ان يبادر الاعلام الرسمي كسر حاجز العمل التقليدي والانتقائي، ليقدم عملا وثائقيا منصفا ومهنيا، فالتاريخ ملك الجميع، ومن مسؤوليات الحكومة ان تتبنى هذه الاعمال من دون اجتزاء او المزيد من التأخير.


&