&صالح البيضاني&&

&

كشفت الأحداث المتلاحقة التي شهدتها اليمن خلال الأيام القليلة الماضية عن بعض جوانب الخلل التي أربكت المشهد وأخّرت الحسم ومنحت الميليشيات الحوثية متسعاً من المراوغة والصمود المزعوم على هامش الخلافات المتصاعدة بين المكونات والأطراف المناوئة للانقلاب.

مثّل الخلاف المتصاعد الذي لم يتمكن التحالف من كبح جماحه حتى الانتهاء من الحرب ضد الحوثي أبرز نقاط الضعف التي لازمت معسكر الشرعية، حيث كانت السنوات الخمس من عمر الحرب كفيلة بإظهار نتائج الحرب وإبراز ملفاتها المؤجلة للسطح.

وخلال الأيام الماضية وقف الحوثي متفرجاً على الصراع المحتدم بين أعدائه، وبدت حالة الانتشاء واضحة على خطابه الإعلامي والسياسي الملتبس الذي غلب عليه الاعتقاد الزائف بأنه كسب حربه التي شنها ضد اليمنيين في سبتمبر 2014، لكن المؤشرات والقراءة الفاحصة للحالة اليمنية تقول عكس ذلك تماماً.. كيف ذلك؟

في الواقع أن حرب الأيام الثلاثة في عدن دفعت التحالف العربي ومعه الشرعية للوقوف وجهاً لوجه أمام الأخطاء التي أنتجت وساهمت في تطويل أمد معركة استعادة اليمن أو ما تبقى منه في أيدي الميليشيات الحوثية الموالية لإيران والمؤتمرة بأمرها.

وقف التحالف في قمة مكة التي جمعت قيادات التحالف ممثلة بالسعودية والإمارات أمام معطيات جديدة، وبعضها قديم لم يتم التعامل معه بجدية، واجتمعت قيادات الشرعية بقيادة التحالف ممثلة في السعودية ووضع الجميع بصراحة منقطعة النظير ملفاتهم المؤجلة على طاولة الحوار، في لقاءات غلب عليها طابع المصارحة والحرص على تقويم الاعوجاج وتقييم المرحلة الماضية والتوافق على محددات المستقبل القريب في مواجهة المشروع الإيراني في اليمن، على قاعدة أمن المنطقة واستعادة اليمن أولاً.

وبالرغم من الغموض الذي لا يزال يلف ترتيبات الأيام القادمة التي ستشهدها مدينة جدة السعودية، إلا أن مما لا شك فيه أن ما بعد مواجهات عدن ليس كما قبلها، حيث تتبلور بداية مرحلة جديدة في أداء التحالف والشرعية والعلاقة بينهما وستتضح ملامح هذا الانعطاف التاريخي بشكل أوضح، عندما يجتمع الفرقاء اليمنيون على طاولة الحوار الذي دعت إليه المملكة العربية السعودية في مدينة جدة، وهو الحوار الذي يبدو أنه سيتطرق لما هو أبعد من نتائج مواجهات عدن باتجاه توحيد الجهود والإمكانات والطاقات لمواجهة عدو واحد يهدد حاضر اليمن ومستقبله ألا وهو الحوثي.