& &فاتح عبدالسلام&&

&&

بين ست أو سبع بقاع في العالم شهدت تفجيرات اختبارية نووية، نجد اسم دولة عربية من بين الدول التي حصلت فيها هذه التفجيرات وهي الجزائر، في موقع واضح في تلك الاختبارات التي لا تراعي أي شرط من شروط استمرار الحياة والعنصر البشري في الكون، حيث كانت الجزائر ضحية التعسف الفرنسي خلال فترة الاحتلال التي دامت أكثر من مائة وثلاثين عاماً، وقعت التجارب النووية الفرنسية في 17 تفجيراً في «عين إيكر» بداية من عام 1961، وتمت تحت الأرض داخل الجبال، وكذا فوق سطح الأرض في منطقة رقان الصحراوية جنوب الجزائر، وانتهت قبيل انتزاع الجزائريين استقلالهم من فرنسا في عام 1962.

في هذا الشهر، أغسطس، يقف العالم ليعلو صوته في يوم عالمي لمناهضة التجارب النووية، لكنّ العالم نفسه لا يزال مُهدَداً بقوة، ليس من تجارب نووية جديدة ربّما وصلت حدّ الإشباع، بل لأن المخاوف تتعاظم من مواجهات نووية وشيكة ولو بالكلام العنيف، لا سيما بعد انهيار المعاهدة النووية الأمريكية - الروسية للصواريخ المتوسطة، إذ إنّ محور الأزمة في الخليج بين الولايات المتحدة وإيران هو المشروع النووي، وما يتفرع عنه من ترتيبات وأزمات، كما يدخل النووي في صلب المحادثات غير المجدية حتى الآن بين واشنطن وبيونغ يانغ.

ولا أحد يستطيع استساغة أن تكون فرنسا مارست تلك اللعبة النووية القذرة دون إرادة الجزائريين الذي كانوا مغيبين عن القرار تحت ذلك الاحتلال الأطول في التاريخ.

إنّ العرب الذين كانوا ضحية اختبارات نووية، تعرضوا مراراً لاتهامات باطلة بامتلاك أسلحة الدمار الشامل بينها النووي طبعاً، وتمّ تجريدهم من أسباب التعامل مع النووي السلمي كما في العراق (حزيران 1981) في قصف إسرائيل مفاعل تموز النووي السلمي ببغداد، أو كما حصل مع ليبيا التي تخلّت طوعاً عن البرنامج النووي بعد حرب الخليج.

إن العرب لا يبدون اهتماماً بأنهم سيبقون سنوات طويلة محرومين من التعامل مع المجال النووي بوصفه الحاجة الحيوية للنهضة الصناعية والزراعية والعلمية، وتلك مشكلة العرب، قبل أن تكون مشكلة الذين فرضوا عليهم هذا الواقع غير المنصف.

كلّ ذلك يجري وسط عدم مبالاة سياسية وإعلامية، تضع أكثر من علامة استفهام على العرب في مشهدهم التاريخي الراهن، وقد وقعوا في وسط أزمات عميقة شاخصة، مرتبطة بأكثر من صلة بالنووي.