التفاصيل أو الأسئلة والموضوعات والقضايا التي نحذرها، أو نخاف أن نذهب إليها، سواء بالكتابة عنها أو بإنتاج دراما حولها، أو بالحديث الجماعي عنها، ما الحكمة من التعامل معها بهذا الخوف، خاصة ونحن نعيش في زمن الانفتاح وانفجار وسائل المعرفة والتقنيات التي تمكن أي فرد من الحصول على أية معلومة أو رأي أياً كان مقدار خطورته؟

إن التطرق الحر إلى هذه القضايا الجديدة والشائكة في حياتنا، والتي نتشابك معها باستمرار، أمر لا يجب الخوف منه أو تجنبه، وهذا ليس مهمة الكتاب فقط أو صناع الدراما، ولكن على متخذي القرارات الذين يقررون ما على المبدعين والكتّاب تناوله أو تجنبه أن يكونوا أقل تشدداً، لأن تحاشي قضايا الواقع والاختباء عنها وراء أصابعنا، وكأنها غير موجودة، لا يخفيها ولا يعالجها أبداً، بل يفاقم أزمة الانفصام مع الحياة والواقع والمتغيرات، أما التذرع بالخوف من حدوث الصراعات والاختلافات، فإنه خوف لا مبرر له، لأن الصراع هو ما صنع الحياة والتاريخ، وليس الاتفاق أبداً.

مسلسل «صلة رحم» هو واحد من أهم مسلسلات رمضان هذا العام، بالرغم من وجود بعض الملاحظات الفنية عليه، إلا أننا هنا نتحدث عن القضية المطروحة (قضية استئجار الأرحام) وعن الجرأة لدى صناع العمل في اقتحام قضية بهذا القدر من الخطورة والصعوبة، حيث يتشابك فيها الديني بالأخلاقي والاجتماعي والقانوني و... إلخ، إنها قضية ملتبسة وحساسة، وتحتاج إلى معالجة لا إلى منع أو حظر، فأسهل ما في كل شيء هو منعه!

في رواية «هكذا كانت الوحدة» هناك كمّ هائل من الأسئلة والتفاصيل الصغيرة حول الحياة والموت والوحدة والغربة الإنسانية، وهشاشة العلاقات الأسرية، وسعي الإنسان للحب والاهتمام، وأن يكون شخصاً مرئياً ومحل إعجاب واهتمام المحيط، لا يجوز النظر لمثل هذه الأعمال بإهمال لأن كاتبها يمتلك القدرة على الإدهاش فعلاً، ويمتلك القدرة على مسّ أكثر مشاعر الإنسان واحتياجاته التي لا يعبر عنها ولا يقولها، إما خوفاً أو تحرجاً أو جهلاً أو تعالياً! ووحده الأدب، وهذه مهمته، قادر على أن يقتحم المناطق الصعبة، وأن يطرح الأسئلة التي يخافها الجميع!