هل يجوز طرح المعادلات الثقافية العويصة في رمضان؟ أيام زمان، في الحقبة الذهبية للإنتاج الفني، كان الناس يقضون أوقاتاً ماتعةً مع الفوازير، مع«سين جيم» شريف العلمي، التي طُبعت في عشرين جزءاً، مع مسلسلات يتذكرها المشاهدون على مرّ السنين. بالمناسبة: الفن الرفيع كله أمسى ذكريات، حتى الأدب وأساليبه، باتت ذكريات تعبر آفاق الخيال. قل:هل تريد أن تُعيد ابتلاء الناس بالمحسّنات البديعية، بينما مناهجهم جعلتهم غير قادرين على الجمع بين فعل وفاعل ومفعول في تركيبٍ حلال؟

ما المعادلات الثقافية التي مرّ ذكرها؟ لا تتصوّر أن القضية معقدة. سؤال عاطفي: إلى أيّ حدّ نحن نحبّ أجيالنا المقبلة؟ هل سيحترموننا، سيفتخرون بنا؟ على سبيل الحصر لا العصر: الذين سيأتون بعد نصف قرن، في لمح البصر، كيف سينظرون إلى هدايانا إليهم؟ هل سيكون عليهم أن يعودوا إلى العصر العباسي حتى يستطيعوا إخراج رؤوسهم من تحت ماء الخيبة الحضارية؟ قد لا تكون كلمة خيبة مهذّبة، لكن مشكلة التعبير تكمن في أن العالم العربي في العصر الحديث، لم يحافظ على المقاييس الحضارية القديمة: القوة الجيوسياسية، لغة عربية قممية أممية إيفريستية. في القرنين الأخيرين لم يستطع اللحاق بقطار المعايير المدنيّة الحديثة: القوة الجيوسياسية، التوسع الاقتصادي التنموي، الهيمنة العلمية الشاملة في البحث العلمي والاختراع والاكتشاف، من أصغر صغير إلى أكبر كبير.

معضلة المعضلات في حيرة الأجيال المقبلة أمام غرائب طريقة تفكير عرب التاريخ المعاصر، واغترارهم بالخدع البصرية التي أظهرت أمريكا الشمالية كما لو كانت حضارة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً.لا يسأل المثقفون: من هم روّاد الفلسفة والفكر، الذين أشرقت مدارسهم وأنارت دروب الإنسانية؟ لديهم مئات مؤلفي الموسيقى السيمفونية، فمن منهم صار له صيت عالمي؟ لا تقل إنهم ظهروا عندما بدأت الموسيقى الكلاسيكية تتراجع، في المقابل، اكتسح الجاز وفروعه كالروك والبوب والراب، جميع القارات.لا تقل، لأن نوايا العولمة ومخططاتها خلطت حابل الفنون بنابل الاستهلاك، وتحتاج إلى مجلدات.

المؤسف هو أن الأجيال المقبلة ستجد أن العالم العربي، لم يحسن التصرّف حين اتضحت أمامه أسباب القوة التي هيمنت بها القوى العظمى على الشعوب والأمم ومستقبلها: التعليم المتفوّق، البحث العلمي، القوة الاقتصادية، وسائل الدفاع.

لزوم ما يلزم: النتيجة الاستكمالية: بعد ذلك تَمدّ رجليك قائلاً: ها نحن انتهينا من وضع أسس الثقافة، الآن، فلينصرف المبدعون إلى إبداعهم.