عادة ما تكتب السير الذاتية لالتقاط الدروس من حياة الإنسان، وتساعد على فهم الظروف التي عاصرها والتحديات التي واجهها وكيف تغلب عليها.

تمنحنا السير الذاتية فرصة للتركيز على مواضيع معينة في حياة الأشخاص وكيف تعاملوا معها. السير الذاتية للأشخاص مثل بصمات الأصابع من المستحيل أن تتكرر، حتى لو كانت البدايات والنهايات متشابهة، فالتفاصيل وما بين البداية والنهاية تختلف من شخص لآخر.

وجود سير ذاتية لأشخاص على رفوف المكتبات لا يعني أن حياتهم أكثر عظمة من غيرهم، ولكن قد يعني أن آخرين لا يقلّون عظمة لم يقدّر لهم أن يكتبوا سيرتهم أو أن يتم نقلها عنهم.

بشكل عام، أجد قلة في عدد السير الذاتية النسائية في المكتبات، وقد يعزى هذا لأسباب كثيرة، أحدها أن المرأة نفسها لا تسلط الضوء على حياتها كما يفعل الرجل.

كنساء عربيات نحن بحاجة إلى قراءة سير ذاتية ملهمة لنساء عربيات تشبهننا، وُلدن من نفس رحم العروبة وخضن تقريباً عادات وظروفاً مشابهة. ما أحوجنا اليوم لقراءة المزيد من السير لنماذج نسائية ناجحة ومتوازنة في عالمنا العربي ليكن قدوة لنا وللأجيال اللاحقة، من أجل تحفيزنا للعمل بجد وتوازن وبلا إفراط أو تفريط في أدوارنا المتعددة.

قرأت مؤخراً السيرة الذاتية لعالمة الأحياء الجزيئية الدكتورة رنا الدجاني في كتابها بعنوان «الأوشحة الخمسة». استطاعت الدكتورة رنا أن تروي لنا تجربتها والجمع بين أدوارها المختلفة ببراعة كعالمة وكأم ومعلمة ورائدة أعمال وناشطة اجتماعية.

ما أعجبني في سيرتها أنها تمكنت من لعب أدوارها بذكاء، وأنها لم تركز على دورها كعالمة فحسب، وإنما أعطت عائلتها والمجتمع أولوية، وبذلت الجهد لفتح أبواب الخير على كثيرين من طلابها والمحيطين بها للإسهام في خلق مستقبل أفضل لهم. ماذا لو أدركنا أن أول مؤشرات النجاح هو التوازن وليس التفريط في شيء على حساب الآخر؟، ماذا لو وثّقنا نجاحاتنا في سير ذاتية لنلهم الآخرين ونعبد لهم دروب نجاحاتهم القادمة؟.