تمر هذه الأيام الذكرى السابعة لتولي الأمير الشاب محمد بن سلمان ولاية العهد. وهذه السنوات لم تكن مجرد سنوات في التقويم الهجري؛ ذلك أن الإنجازات التي تحققت خلالها توازي عقوداً طويلة من التنمية والإصلاح، ويعرف جميع المواطنين والمسؤولين في كافة دول العالم شرقاً وغرباً أن الأمير الشاب هو مهندس وعرّاب الرؤية التي شملت تطوير كافة القطاعات والمرافق في المملكة، وقد سبق أن ذكرتُ في مقالات عديدة أن الأجيال الصاعدة قد يصعب عليهم منح هذه التجربة الفذة حقها من الإنصاف والتقييم؛ لأن ذلك يتطلب منهم الإلمام الشامل والمقارنة الموضوعية بين الوضعين الاقتصادي والاجتماعي؛ اللذيْن كانا سائديْن سابقاً لعقود ماضية وبين الأوضاع الراهنة حالياً.

مثّل الاهتمام بالمواطن واعتباره الركيزة الأساسية نقطة الانطلاق لعملية التحول الوطني الضخم؛ الذي تجسّد في رؤية 2030 (وإن تعددت مجالاتها ومسمياتها وفروعها)، فأي إنجاز إن لم يصب في صالح المواطن فهو لا يمثل إنجازاً يعتد به، فالمواطن هو المحور الذي دارت وتدور حوله جميع برامج التنمية، ولا شك أن مسيرة التنمية التي خطط لها الأمير الشاب وتولى الإشراف عليها لم تقتصر على المجال الاقتصادي فقط، بل شملت مجالات عدة أهمها المجالات الاجتماعية والقضائية والسياحية، وهو ما ساهم بدوره في تعزيز القطاع الاقتصادي أيضاً بطرق غير مباشرة، ومن المؤكد أن هذه القفزة النوعية في مجال التنمية لم تكن بالشيء اليسير؛ ذلك لأن المجتمع -وخلال عقود طويلة- اعتاد التشبث بفكر معين تسببت في نشره الكثير من التيارات المقاومة للتغيير، والتي ظهرت نتيجة لانتشار الفكر الصحوي، بخلاف تمسك البعض بالتقاليد الموروثة التي ترفض التغيير بطبيعة الحال.

غير أنه من المؤكد أن قيادات المملكة منذ تأسيسها لم تبخل بالإنفاق على مشروعات التنمية، إلا أن أبرز المعوقات الأساسية والتحديات التي كانت مفروضة على المملكة خلال العقود الماضية كان سببها الاعتماد الرئيسي على إيرادات النفط، فالمملكة -وبفضل الله- كنتيجة لتمتعها باحتياطي ضخم من النفط كانت تنفق على مشروعات التنمية من تلك الإيرادات، غير أن أسعار النفط لم تكن دوماً تصب في صالح المملكة، فعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات من القرن الماضي كنتيجة لحرب أكتوبر عام 1973، إلا أنها واجهت انخفاضاً حاداً في أسعاره خلال ثمانينيات القرن الماضي، كما فرضت حرب الخليج الثانية أعباء إضافية على المملكة، مما تتطلب وقتها إعادة التخطيط وإرجاء بعض مشروعات التنمية؛ طبقاً لترتيب الأولويات في تلك الفترة.

عندما أطلق الأمير الشاب رؤيته الطموحة كانت إحدى ركائزها خلق اقتصاد قوي لا يرتبط فقط بإيرادات النفط، وقد تحقق ذلك بنسبة كبيرة طبقاً لمؤشرات وزارة المالية، التي أوضحت أن الإيرادات غير النفطية قد ارتفعت بشكل ملموس خلال السنوات السبع الماضية، ولا شك أن حجم مشروعات التنمية التي يرغب عراب الرؤية في تحقيقها يتطلب إنفاقاً ضخماً لا يستهان به، كما أن عمليات التطوير التي تتطلبها المرافق الحيوية (التي تمثل البنى التحتية كالنقل والصحة والتعليم وغيرها)؛ طبقاً لرؤية 2030، تتطلب الكثير من الموارد والطاقات، أضف إلى ذلك أن المرافق التي شُيدت قبل انطلاق الرؤية وتلك التي انتهت مؤخراً أيضاً بحاجة إلى صيانة وتطوير مستمر، مما يعني أن الحاجة مستمرة لإيجاد موارد متجددة.

ليس من الغريب أن يستغرق تحقيق المشروعات المستهدفة وقتاً، خاصة في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تمر بها المنطقة هذه الفترة مما قد يستلزم إعادة ترتيب الأولويات، ولا سيما أن ترتيب الأولويات لا يمس الاحتياجات الأساسية للمواطن، ومن الملاحظ أن جميع المؤشرات تؤكد أن رؤية المملكة الطموحة قد تحقق الكثير منها، وأن الأمير يسير بقافلة التنمية التي تحمل كل مواطن إلى مستقبل مزدهر بمشيئة الله.

في اعتقادي الشخصي أن أهم أسباب نجاح الأمير محمد بن سلمان في تحقيق المنجزات التي تحققت هو عدم اهتمامه بالنقد الهدام الصادر من بعض المنصات والصحف الصفراء، التي تهدف إلى تثبيط عزم المواطن وتشكيكه في ما تحقق، وللأسف فإنه في الوقت الذي تبذل فيه الدولة جل اهتمامها للسير قدماً نحو مستقبل مشرق تحاول بعض الأقلام المشبوهة والمأجورة التشكيك فيها، وما يثير الاستغراب والاشمئزاز هو أن حملة تلك الأقلام يعيشون في المهجر ولم تطأ أقدامهم المملكة منذ سنوات طويلة، ولا أعلم ما هو المنطلق الذي يسمح لهم بتقييم واقع هم بعيدون عنه كل البعد، غير أنه لا غرابة في ذلك؛ فهم دمى ضالة في مسرح العبث والخيانة والغدر.