العمالة المنزلية زادت من مليون و240 ألفا في 2019، إلى ثلاثة ملايين و600 ألف في 2022، وحصتها في سوق العمالة الأجنبية تصل إلى 32%، والسائقون يمثلون 49,5% من هذه النسبة، أو قرابة مليون و780 ألف سائق بينهم 119 سائقة، وبما يعادل سائقين اثنين مقابل كل خادمة، والمعنى أن قيادة المرأة السعودية لم تخفض أرقام السائقين الأجانب، وإنما ساهمت في ارتفاعها، ما لم نقل بأنها أصبحت الأكبر في تاريخ المملكة، منذ إقرار نظام الكفيل قبل 75 عاماً، والذي تم إلغاؤه بالكامل، واستبدله في 2021 بمبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، التي عالجت العيوب والتشوهات الموجودة فيه، وجعلت التعامل بين العامل وصاحب العمل عادلا ومنظماً، وحافظاً لحقوق الطرفين معاً، ولكنها لم تمنع تسرب ما يزيد على مليون عامل منزلي إلى سوق العمل، ومنافسة السعوديين على الفرص المتاحة أو إخراجهم تماماً، ومن هؤلاء من يعمل في المحال والمراكز التجارية وتوصيل الطلبات وغيرها، وفيما سبق مخالفة صريحة لنظام العمل السعودي، إلا أنها في حكم المسكوت عنه.

المبادرة الجديدة نسبيا ورغم منافعها الكثيرة، لم تمنع السعودة الوهمية، ولم تعالج إشكالية العمالة الأجنبية غير الماهرة في القطاع الحكومي، والتي تجاوزت أعدادها 114 ألفاً، ومن غير المستبعد أنها قد تشغل وظائف يمكن توطينها، ولا يدخل فيما سبق استراتيجية استقطاب الكفاءات والعمالة الماهرة، ومساهمة السعوديين في سوق العمل المحلي، لا تتجاوز حالياً الـ51%، بينما المتوسط في معظم دول العالم المتحضر يصل إلى 75%، ولابد من الإشارة إلى أن استقدام الشركات للعمالة غير الماهرة في المملكة، جعلها تسيطر على السوق، ولدرجة أنها تمثل 74% من العاملين في القطاع الخاص، ولم تترك للسعوديين إلا ما نسبته 26%، ولم أجد تبريراً مقنعاً.

الأصعب أن معدل الأيدي العاملة غير الماهرة في السوق السعودي، يعادل ضعف مثيلاتها في دول العالم الأول، ودخول هؤلاء بمهاراتهم المتدنية أثّر سلباً في إنتاجية السعوديين، ووزارة الموارد البشرية لا تستطيع بالتأكيد مراقبة المخالفين، وبالأخص فيما يتعلق بدخول العمالة المنزلية إلى السوق، وذلك بمعرفة وسطاء من جنسياتهم، واللافت هو مدة استقدام العمالة المنزلية بالطرق النظامية، فهو لا يأخذ أكثر من شهر واحد في معظم دول الخليج، وفي المقابل هذه المدة وصلت في المملكة إلى 60 يوماً، وربما دخلت في أسباب تفضيل السعوديين لتأجير العمالة على الاستقدام، وبمبالغ لا تقل عن أربعة آلاف ريال أو في حدود ألف وسبعة وستين دولاراً.

اختلاف المملكة عن دول الخليج، فيما يخص استقدام العمالة المنزلية، يعود إلى أن الثانية لا تحتاج إلا إلى الفحص الطبي، حتى تقوم بالتأشير للعمالة المنزلية، وفي حالة الاستقدام السعودي، تطول قائمة الشروط، كإجراء التدريب اللازم، بجانب استيفاء المطلوب على منصة مساند، والحصول على موافقة وزارة العمل الاجنبية في دولة العمالة، هذا بالإضافة إلى الإجراءات الحكومية الاستثنائية في بعض الدول، وتأخر التأشير في موسمي الحج والعمرة، والمهم دائما ألا تتعارض هذه البيروقراطية الإدارية، مع صلاحية عقد الاستقدام التي تمتد لـ90 يوماً.

اللافت هو أن هروب العمالة لا يكون في العادة إلا بعد ثلاثة أشهر، والسابق يساوي بالضبط مدة تجربتها، وبعض مكاتب الاستقدام تتربح من وراء هذه المسألة، وأحيانا بالتواطؤ مع العمالة، وتعيد عرضها بطرق غير نظامية، والممارسة السابقة حدثت حتى عند توحيد المملكة في عهد الملك عبدالعزيز، وقبل إلغاء الرق في زمن الملك سعود عام 1962، وبقرار من الملك فيصل، عندما كان ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء، ومن الشواهد عليه، أن الرقيق من كبار السن، كانوا يباعون ويتم تحريرهم، ومن ثم يعاد بيعهم مجدداً، بالتوافق والاتفاق بينهم وبين التجار، وعند التوحيد لم يتجاوز تعداد العمالة المملوكة 40 ألفاً، في كامل الأراضي السعودية، وغالبيتهم اختطفت من أفريقيا وإيران وآسيا، وكانت قيمة الجارية الجميلة 17 ألف ريال، أو أربعة آلاف و534 دولارا، والرجال تتراوح أسعارهم من 10 آلاف إلى 15 ألف ريال، أو ما بين ألفين و667 دولارا وأربعة آلاف دولار.

تأثير العمالة الأجنبية، إجمالاً، على فرص عمل السعوديين لا يحتاج إلى شرح، والعمالة المنزلية على وجه الخصوص لديها مشاكل معقدة، وبعضها يصعب التعامل معه، وإن تضمنته لائحتها المطورة، المقرر العمل بها في أواخر العام الجاري، وبعد عشرة أعوام من تطبيق اللائحة القديمة، ومن الأمثلة، المحافظة على الأسرار الشخصية للعائلة التي تقوم العمالة بخدمتها، فالسوابق تؤكد أن العكس هو ما يحصل، وأن بعضهم وبمجرد مغادرة المملكة، ينشر ما لديه على السوشال ميديا، وآليات حل مثل هذه الأمور ممكنة بالتفاهم مع دول العمالة، بخلاف أن اللائحة المحدثة ليست نصاً مقدساً أو جامداً، وستتم مراجعتها وتعديلها كما حدث سابقاً.