في سياق سلسلة الزراعة المستدامة، مستقبل الأجيال المقبلة، من خلال تبني استراتيجيات الدولة الداعمة للزراعة والتغير المناخي والأمن الغذائي والطاقة المتجددة بناءً على أفضل الممارسات العالمية في المجال، نحتاج إلى حلول ذكية ومبتكرة، والتقنيات النووية النظائرية توفر ذلك لنا.

تعمل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو»، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، على تسخير التكنولوجيا والتقنيات النووية لمواجهة التحديات المتزايدة التي تواجه الأمن الغذائي والزراعة، حيث تساعد التقنيات النووية والنظائرية من خلالها في تحديد ومعالجة خصوبة التربة واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة التربة والحفاظ عليها، وبالتالي تدعم البلدان في جميع أنحاء العالم للوصول إلى أهدافها الاستراتيجية في مجالات الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة وخدمات النظم البيئية. وفقاً لمنظمة «الفاو» فإن نحو ثلث التربة في العالم قد تضرر بالفعل بسبب الممارسات الزراعية السيئة وغير المستدامة، أو تغير المناخ أو التلوث، حيث انخفض مستوى الفيتامينات والمواد المغذية في الفواكه والخضراوات والحبوب بشكل كبير بسبب فقدان خصوبة التربة، لقيام العديد من المزارعين بزراعة المحاصيل بشكل مستمر دون تجديد ما يكفي من العناصر الغذائية اللازمة.

يمكن للتقنيات النووية أن تساعد في تعزيز التنمية الزراعية المستدامة، من خلال مراقبة عمليات التربة وتحسين الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي ورفاهية المجتمع في تقليل خسائر مغذيات التربة، وتمكين الخبراء من جمع بيانات دقيقة لتقييم وإدارة جودة التربة وصحتها بشكل أفضل، وهي توفر بيانات كمية قيمة وموثوقة لاتخاذ قرارات دقيقة ومستنيرة بشأن إدارة الأراضي الزراعية والحفاظ عليها، مع تقليل التأثيرات البيئية أيضاً.

ومن خلال نظائر الكربون والنيتروجين والفوسفور وعناصر أخرى، يمكن تتبع حركة العناصر الغذائية من الأسمدة العضوية وغير العضوية في التربة إلى النباتات والبيئة.

تمكن التقنيات الخبراء من قياس ديناميكيات العناصر الكيميائية في التربة والمحاصيل. يمكن توفير أفضل الممارسات الإدارية للمزارع المواطن فيما يتعلق بكميات متوازنة ودقيقة من العناصر الغذائية التي سيتم تطبيقها في الوقت المناسب وبالكمية المناسبة، بالضبط عندما تحتاج النباتات إليها، وبالتالي زيادة كفاءة امتصاص العناصر الغذائية واستدامة التربة والتنمية الزراعية المستدامة، وتحسين خصوبة التربة وكفاءة استخدام المغذيات، إلى جانب تعزيز إنتاج الغذاء والمحافظة على الأمن الغذائي، ما يسهم في مكافحة الجوع وسوء التغذية، وخاصة في مناطق العجز الغذائي، فضلاً عن تحسين سبل عيش المزارعين.

وتقوم الوكالة بالشراكة مع منظمة «الفاو» بمساعدة البلدان على تطبيق التقنيات النووية والنظائرية ذات الصلة في إدارة التربة وتحلية المياه وزيادة إنتاج الموارد الزراعية.

ويشجع على استخدام التكنولوجيا النووية وما يتصل بها في الأغذية والزراعة من خلال البحث التكيفي والتطوير في مختبراته ومن خلال مشاريع بحثية منسقة. ويعمل على استخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة مع آلاف العلماء في جميع أنحاء العالم، لاستحداث أنواع نباتية جديدة من المحاصيل الرئيسية والمحاصيل غير المستغلة والمحاصيل الأصلية، ومن ثم زيادة التنوع البيولوجي.

في عام 2021 وحده، استحدث المركز وأطلق 36 من الأنواع النباتية الجديدة، وشمل ذلك أصنافاً عالية الغلة من الذرة واللوبيا، وأصنافاً مقاومة للأمراض الفطرية الرئيسية من الموز، وأصنافاً تتحمل الجفاف من الفول السوداني من بين نباتات أخرى، تم تطوير هذه الأصناف باستخدام تشعيع البذور، ومن ثم إنتاج سلالات جديدة ذات خصائص متفوقة.

وفي إطار الجهود التي يبذلها لتعزيز تكنولوجيا الاستيلاد الطفري، وهي تقنية لتسريع التطور الطبيعي في النباتات من أجل تحسين قدرتها على التكيف مع تغيُّر المناخ، أطلق مؤخراً في بلدان مختلفة مشروعاً بحثياً منسقاً مدته خمس سنوات حول استخدام الحث الإشعاعي لتنويع المحاصيل وإقامة الروابط الوراثية. يوجد حالياً أكثر من 80 مشروعاً نشطاً للتعاون الفني في مجال إدارة المياه والتنمية الزراعية المستدامة والتربة، بدءاً من تحسين تثبيت النيتروجين في جمهورية أفريقيا الوسطى إلى إدخال نظام رقمي لمعلومات التربة في كمبوديا.

لذلك نحن نستطيع في دولتنا العزيزة الإمارات من أجل تنمية المجتمع الإماراتي الزراعي الاستفادة من الشركات الاستشارية الوطنية المتخصصة في المجال، بناءً على خطط استراتيجية واضحة تتوافق استراتيجية الطاقة 2050، واستراتيجية الأمن الغذائي 2051، واستخدام أفضل الممارسات العالمية والمبادرات في التقنيات النووية الحديثة لتعزيز مستقبل التنمية الزراعية المستدامة.