عندما نتحدث عن معرض أبوظبي الدولي للكتاب، فنحن لا نتكلم عن مجرد معرض عادي للكتب، بل عن حدث ثقافي وأدبي فريد يجمع بين القرّاء والكتّاب والناشرين من مختلف أنحاء العالم، بحيث أصبح من أبرز الفعاليات الثقافية في المنطقة، ويحظى بأهمية كبيرة تفوق حدود المعرض العادي للكتب.

ورداً على تساؤلات البعض عن السبب الذي قد يدفع الناس لزيارة معارض الكتب المكتظة بينما يمكنهم التسوق بهدوء وراحة في بيوتهم أو حتى التمتع باستعارة الكتب المجانية من المكتبات العامة، فالجزء الجيد في المعرض أنه ليس مجرد سوق لبيع الكتب، بل حدث اجتماعي لطيف للمؤلفين ومحبي الكتب الذين لا يعرفون أبداً ما قد يجدونه أثناء تجوالهم في المعرض، ولا يعرفون أبداً من قد يقابلونه هناك مع وجود مجموعة متنوعة من المواد للاختيار من بينها والخصومات، وإمكانية الحصول على الأعداد السابقة للمجلات، والأجزاء الكاملة لمجموعات الكتب وغيرها.

ويستفيد الناشرون بالكشف عن أحدث إصداراتهم، وعروض كتب تناضل لجذب الانتباه إليها في سوق المكتبات أو حتى على صفحات البيع السريع، ناهيك عن متعة المؤلف عند تقديم أعماله مباشرة إلى القراء والمتخصصين في هذا المجال، وتعزيز الروابط التي قد لا تتحقق من خلف الشاشات المضيئة.

وهناك عدة أسباب تجعل شراء كتاب بدلاً من استعارته من المكتبة سواء كان كتاباً ورقياً، أو كتاباً إلكترونياً، أو كتاباً مسموعاً أفضل الخيارات مثل رضا قارئ نهم بشراء كتب كاتبه المفضل لضمه إلى مجموعته أو اقتناء كتاب تم إصداره للتوّ وأحدث الكثير من الضجيج حوله أو امتلاك كتب تلهمه لتحقيق هدف شخصي أو حتى تريحه خلال الأوقات الصعبة ويمكنه العودة إليها وقت الحاجة، أو أن يكون واحداً من القراء الذين يحبون تسليط الضوء على فقرات معينة أو وضع خط تحت الكلمات الجديدة في كتاب ما، فهذا يزيد من أهمية امتلاك الكتب بدلاً من استعارتها.

ومن مساحات بيع الكتب إلى برامج مكثفة لتعزيز القراءة والتنوع الكتابي، بات يمكن اكتشاف الاتجاهات في قطاع الكتب والنشر من خلال الاجتماعات بين المؤلفين وقرائهم، والتدريب المهني المنتظم في معارض الكتب، المكان المناسب لمغامرة البحث عن الكتب اعتماداً على أهداف القراءة الخاصة بكل شخص، وفي وجود مجموعة متنوعة من العناوين المتاحة للاختيار من بينها.

وبصرف النظر عن أهمية دعم المؤلف مباشرة، فإن شراء كتاب بدلاً من استعارته يتيح للقراء إضافة نسخة إلى مجموعتهم الشخصية بدون قيود حول الوقت المسموح لقراءته خاصة عندما تتغير أولوياتهم ويصبح الالتزام بإنهاء الكتاب قبل موعده أمراً شبه مستحيل.

أما المعضلة المشتركة التي قد يواجهها القراء في هذه المعارض الزاخرة بالعناوين والفعاليات، وخاصة أولئك الذين يقرؤون بانتظام، فهي اختيار العناوين التي تتناسب مع ميولهم من بين الآلاف قديمها وجديدها، والقدرة على ضبط النفس أمام الرغبة في شراء كل ما هو معروض، ناهيك عن إغواءات صور الأغلفة والعناوين الجذابة وأسماء المؤلفين وأفكار الكتب غير المسبوقة.

وبين سهولة التوجه إلى أقرب مكتبة لبيع الكتب لتصفح أحدث مجموعة معروضة فيها، والقيام برحلة إلى معرض الكتاب الحافل بالفعاليات والمصادفات والمفاجآت واللقاءات غير المتوقعة يستطيع القارئ اقتناص فرص شراء ولقاء وحوار والاستماع إلى التطورات العالمية في صناعة النشر والكتب، ويعود الأمر كله إلى التفضيل الشخصي حتى لو كان أحد الخيارات أفضل من الآخر فهناك من يرغب دائماً في أحدها، وهناك مؤلف، وقارئ، وناشر يبحث كل منهم عن متعة الجديد ومغامرة غير مسبوقة في مكان يشعّ بنور الثقافة.