أوراق جديدة تسحب من بين أصابع جو بايدن، ويتناقص حظه مع حزبه في الانتخابات الرئاسية والنيابية المقبلة، ولم يبق من الزمن الكثير، ستة أشهر وبضعة أيام تفصله عن يوم الحسم، والخسارة المدوية تلوح في الأفق.

الاحتجاجات الطلابية حدث فارق يواجه السياسيين الأمريكان، وخصوصاً من يجلس حالياً في البيت الأبيض، فهذا الذي نشاهده اليوم كان مستبعداً طوال أكثر من نصف قرن، فما يشبهه وقع في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات عندما فتح ليندون جونسون الرئيس الديمقراطي الخزائن لشركات الأسلحة، وخاض الوحل الفيتنامي ليستهلك ما يشتري إرضاء لأهم المافيات الداعمة له انتخابياً، وضحى بأرواح الشباب الأمريكي في أرض ليست أرضهم، ودفاعاً عن قضية ليست قضيتهم، يومها انفجرت الشوارع، وشلت حركة الإنتاج، وامتلأت السجون بالرافضين للتجنيد، وتوقفت المدارس والجامعات، حتى سقط ذلك الحزب في انتخابات 68، وجاء ريتشارد نيكسون ليلملم الفوضى التي خلفها له سلفه، وفتح الطريق لمفاوضات سرية تحولت إلى علنية، وأثمرت نهاية لحقبة العدوان عبر البحار لتوسيع النفوذ، وإثبات حجم القوة الغاشمة.

بايدن يمر بالظروف نفسها، ولا يختلف سوى في استخدام الوسيط للقتال والتدمير نيابة عنه، فهو في مذابح غزة كان الداعم الأكبر، بالمال والسلاح والقرار السياسي، ساند العدوان ضد المدنيين دون أن يرف له جفن، وأرسل أسلحة قاتلة لنتانياهو وجيشه دون شروط أو قواعد أخلاقية، تركه يفعل ما يشاء، وما زال كذلك، والشعب الأمريكي لم يعد ذلك الشعب الذي لا يهتم إلا بشؤونه الداخلية، وقد أثبت ذلك بعد أن شاهد نتائج الأسلحة التي ترسل باسمه لمجرمي الحرب، فتحرك من باحة جامعة واحدة، محتجاً ورافضاً، ومناشداً الرئيس بوقف المجزرة، ولكن الرئيس تعنت وتكبر، فإذا بالجامعات الأخرى تنضم إلى الاحتجاجات، والرئيس وطاقمه ونوابه في الكونجرس يحملون «شماعة» معاداة السامية، ويأمرون باستخدام العنف ضد الطلاب واعتقل المئات، وأغلبهم من حركة «يهود ضد الحرب»، وخرجت بقية الجامعات عن صمتها والتحقت بأخواتها، وفي ولايات كانت من معاقل الحزب الديمقراطي، ومثلها لا يمكن أن تنتخب رئيساً كان الشريك الأول لنتانياهو في جريمة الإبادة الجماعية.

فهل يسقطه الطلاب؟