قبل ما يقرب من ثلاثة اسابيع قدمت قناة الجزيرة القطرية برنامجا حول جمهورية مهاباد الكردية من تقديم واعداد الاعلامية فيروز زياني حيث تناولت فيها القضية من جوانب كثيرة . ولكن هناك جوانب مظلمة هامة حول تلك الجمهورية التي لم يتجاوز عمرها احدى عشر شهرا فقط عام 1946 .

الجمهورية الكردية موضوع البحث تم الاعلان عنها بمبادرةمباشرة من الاتحاد السوفيتي كدولة عظمى منتصرة على النازية بزعامة ستالين وبين الزعيم الكردي الكبير الشهيد قاضي محمد حيث كان الزعيم السوفييتي يريد انشاء دول جنوبا داخل ايران التي كانت تحت احتلال الحلفاء بقيادة بريطانيا وامريكا في الجنوب والاحتلال السوفياتي في الشمال والذي كان يشمل كردستان واذربيجان الايرانية يهدف منها نشر الشيوعية .

لقد تم القضاء على تلك الجمهوريتين وذلك من خلال صفقة كبيرة شملت تشيكوسلوفاكيا واليونان والنمسا و لهذا تبقى للقصة بقيةكما تقول صاحبة البرنامج السيدة فيروز......

اتفاقية سايكس ــ بيكو تتردد على كل لسان وفي كل الكتابات التي تتناول خرائط الشرق الاوسط بعد الحرب الكونية الاولىولكن من النادر ان نرى البعض يتطرق الى اتفاقيات يالطا الشهيرة بين روزفلت وتشرشل وستالين والتي تناولت تقاسم النفوذ في القارة الاوربية بشكل رئيسي والتي شملت ايضا ايران ومهاباد واذربيجان الايرانية .

تصفية جمهورية مهاباد الكردية كانت جزءا من تلك الصفقة .

في النصف الاول من سبعينات القرن الماضي حيث كنت طالبا في مدينة استانبول نشرت جريدة جمهوريت التركية دراسة مستفيضة على عدة حلقات لباحث اوروبي تناول فيه الظروف التي ادت الى تشكل الخارطة الاوروبية لتقاسم النفوذ في اوروبابين الغرب الراسمالي والشرق الشيوعي وشملت ايضا ايران وجمهورية مهاباد بعد الحرب العالمية الثانية على هامش المفاوضات والاتفاقات الجانبية التي توجت باتفاقية يالطا الشهيرة .

منذ ذلك الحين وحتى تاريخه لم اعثر على تلك الدراسة او اية دراسات مشابهة بالرغم من محاولاتي المستمرة .

تأملت الخير بعد انتشار الانترنيت للحصول على بعض الوثائق حول تلك الاتفاقات وتفاصيل المناقشات ولكن كل الآمال انتهت بالخيبة .

لهذا فكل ما ساتطرق اليه ادناه هو فقط ماعلق بالذاكرة منذ ثلاثين عاما واكثر وآمل ان يتجه جيل الشباب الى البحث والتنقيب عن تلك الفترة من التاريخ .

المشهد العام فيما يتعلق بموضوعنا عند نهايات الحرب العالمية الثانية عام 1945 كان تقريبا على الشكل التالي :

ــ تشيكوسلوفاكيا كانت تحت الاحتلال السوفياتي بعدما طهرتهامن النازية . هذه الدولة كانت قبل الحرب دولة صناعية وراسمالية ــ ليبرالية وشعبها كان اقرب الى العالم الغربي الحر . 

ــ اليونان كانت تحت النفوذ الغربي ولكن اكثرية الشعب اليوناني كان ميالا الى الشيوعية لا سيما بعد النضال المرير والعنيد الذي خاضه الشيوعيون اليونان في حرب الانصار ضد النازية بالاضافة الى الحنين الذي يكنه اليونانيون الى روسيا بسبب الاورثودوكسية التي تجمع الشعبين .

اليونان لم تصر في الانضمام الى المعسكر الشيوعي خوفا من التفتت الى دويلات وتلقى مصير يوغسلافيا التي اتجهت الى الشيوعية .

النمسا كانت تنتمي عرقيا الى القومية الالمانية وكانت مكان الخلاف بين الشرق والغرب و هل سيتم ضمها الى المعسكر الراسمالي ام الشيوعي ؟

الشمال الايراني اي جمهورية مهاباد الكردية واذربيجان الايرانية كانتا تحت الاحتلال السوفياتي كما ورد اعلاه . اما جنوب ايران فقد كان تحت نفوذ التحالف الامريكي ـ البريطاني .

الغرب اصر على بقاء دولة ايران ووحدته تحت حكم الشاه ــ الالعوبة .

الاتحاد السوفياتي اصر بدوره على الاحتفاظ بجمهورية مهاباد واذربيجان الايرانية .

المفاوضات بين المنتصرين في الحرب ادت في النهاية الى ترضية الاتحاد السوفياتي وذلك بان تبقى تشيكوسلوفاكيا تحت الهيمنة السوفياتية اي ضمن الستار الحديدي مقابل تخلي السوفيات عن جمهورية مهاباد واذربيجان الايرانية وفي نفس الوقت ترك اليونان ذات الميول الشيوعية للبقاء ضمن العالم الغربي الراسماليوالاتفاق على ان تبقى النمسا على الحياد . وهو ما حدث وبذلك انتهى امل الكرد في الحصول على كيان مستقل ولو في جزء صغير من كردستان الكبرى .

انه عبارة عن سوق النخاسة في بيع وشراء الشعوب والدول ...

هذه السوق تفتح الآن ابوابها من جديد بالتزامن مع الازمة السورية والاضطرابات التي امتدت الى الدول المجاورة لها .

هل سيكون مركز السوق هذه المرة في جينيف ام عاصمة اخرى ......؟

التشرذم الكردي سوف يجعل الكرد ارخص سلعة في تلك السوق المنحوسة .... والدليل هذه الاعداد الهائلة من الدكاكين التي تسمى بالاحزاب والحركات السياسية المبعثرة .

في المرات السابقة اي في سايكس ـ بيكو ويالطا بررنا فشلنا بالتآمر الدولي......ولكن هذه المرة نحن فقط نتحمل السبب بسببهذا التشرذم المهين ......

ارجو ان يعلم الجميع انني هنا لا اتهم تنظيما معينا او اشخاص محددين اطلاقا .....بل اكرر اننا جميعا نتحمل المسؤولية.

كاتب كردي 

 

.