لن يكون حديثي هنا حول التهم التي وجهها مدير مؤسسة المدى الإعلامية والمستشار الإعلامي للرئيس العراقي السابق جلال طالباني بحق رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي أطاح به الرئيس الحالي للعراق فؤاد معصوم في العام 2014، علماً أن المالكي يشغل منصب نائبه، ويسعى – وبحسب مراقبين- لاستلام منصبه، فهو رجل يحلم بكل المناصب.
كل الأصدقاء ممن نقابلهم من العراق يؤكدون بأن بعض المناطق الشيعية في العراق باتت مرتعاً للنظام الإيراني، الذي بات الحاكم الفعلي فيها، وله فيها مراكز أمنية واستخباراتية شبه رسمية، وهو مايؤرق حتى شريحة واسعة من شيعة العراق ممن لاحول ولاقوة لهم.
إيران، التي استفادت من امتيازات العهد الأوباموي، والذي مكنها من عموم العراق، أملا في استمالة المعتدلين الإيرانيين لصالحه على حساب التيار الثوري المتمثل حاليا بالخامنئي، لم تقف عند حدود المناطق الشيعية، بل باتت تسعى وبتدبير من بعض أزلامها بالتهام كل العراق، بدأت ذلك من خلال تسليم المالكي الموصل لداعش، لتشرعن الحشد الشعبي وتضيق الخيارات على المرجعيات العراقية الشيعية بالدعوة للانضمام إليه لمواجهة الخطر الداعشي، بهدف تحرير الموصل وما استولى عليها داعش في هذا البلد.
كانت نتيجته أن الموصل المدينة ويقدر عدد سكانها بنحو 2.5 مليون نسمة غالبيتهم الكبرى من السنة، تعرضت لتغيير ديموغرافي، واضطر آلاف العوائل خلال هجمة داعش عليها والحرب معه –أي مع داعش-، وبعيد اضطرارهم إلى إخلاء منازلهم والتفكير في اللجوء،حيث قصد مايقرب المليون منهم كردستان العراق، ما خلق مشاكل اقتصادية هناك.
الحشد الشعبي أو ذراع إيران العسكري الفعلي في العراق، حيث حاكمه الفعلي رئيس فيلق القدس قاسم سليمان، بات على تخوم كردستان، وبدأ في خوض مناوشات مع البيشمركه الكردية في طوزخورماتو في أكثر من مناسبة. كانت المقدمة لمحاولة الهجوم على كردستان العراق، وجعل العراق مستعمرة إيرانية – يستحيل بعيد هذا التخطيط إعادته كما كان-.
هذا التوقيت تحديداً، أعني هنا تحسباً لأية صدامات قد تقع في المستقبل القريب، تكون فيه كردستان العراق ضحية هجمة همجية من قوى الحرب الإيرانية التي تعبث بأمن البلد، وهو ما يتزامن مع هجمات إعلامية ممنهجة مصدرها إيران-عراق-سوريا للتمهيد لهكذا عملية، وبعيد يأس قيادة الإقليم من أية بوادر حلول لتطبيق الدستور العراقي واحترام المكونات غير الشيعية وتحديداً هنا الكرد، ناهيك عن عدم الوفاء بالوعود تجاههم منها حل موضوع الرواتب وتخصيص الميزانية، إذ كان لابد للكرد من إعلان استفتائهم هذا، والتفكير بجدية، بعد كل محاولات التنبيه، بالانتقال الى مرحلة قد يستقلون فيه عن العراق.
تركيا التي كانت السباقة بتطبيق حالة حصار على كردستان العراق وإطلاق شعارات –لاقيمة لها كما كل المناسبات-، منها على سبيل المثال بأن الكرد قد خانوا التزاماتهم، وتبادر الى التواصل مع إيران والعراق، وتدعو تارة حتى النظام السوري للانضمام لهذا الحصار، وترسل حشوداً من الجيش إلى حدود كردستان العراق وتهدد بالتدخل العسكري وإطلاقه لتهديدات تتمثل بتجويع الكرد، واتهامه الكرد برفع علم إسرائيل، علما بأنه هو وساسته من يزورون إسرائيل باستمرار ويتبادلون السفراء وتربطهم علاقات تجارية بسقف تبادل تجاري يقارب الـ 4 مليارات دولار سنوياً، وأن أردوغان الذي بدأ بتوجيه هذه التهمة، قد زار ذات مرة إسرائيل وكان في ضيافة أرييل شارون وزارا معا قبر زعيم الصهيونية وأن البلاد ستتأثر بحالة الفلتان الأمني الذي قد يخلفه الحشد الشعبي سواء على العراق أو حتى سنة العراق أو تركمانه أو كرد كردستان العراق. كما تربطها أي تركيا مع كردستان العراق علاقات تبادل تجاري كبيرة، حيث تحتل كردستان العراق المرتبة الثالثة بعد ألمانيا وبريطانيا فيما يتعلق بالصادرات التركية، إلى جانب البترول الذي تصدره كردستان عبر تركيا، فما الدور الذي تلعبه تركيا وأين مكانته وما سر تصريحات قادته شديد اللهجة؟ هل يمكن أن يكون كل ذلك من أجل إرضاء أردوغان لشركائه القوميين، أي حزب الحركة القومية، وزعيمهم دولت بهتشلي، إن كان كذلك، فهو يربح شريك صغير، ويخسر مكاسب كبيرة، ولن يكون شريكا فاعلا في الحفاظ على خريطة المنطقة.

*إعلامي كردي سوري مقيم في المانيا

[email protected]