هل تندفع إيران في مخططاتها في المنطقة من دون أن تأبه للدول الکبرى و تلقي الحبل على غاربه بهذا السياق؟ لاغرو من إن إيران لايمکن لها أن تتصرف و تتعامل بهذه الصورة الحمقاء و الطائشة ومن دون روية مع الدول الکبرى، لکنها تصرفت و تتصرف بالسياق و الاسلوب أعلاه مع بلدان المنطقة وقد أثبتت تجارب الاعوام المنصرمة وخصوصا العامين الاخيرين بالذات بأنها تضع مصالح بلدان المنطقة بل وحتى سياداتها الوطنية في أسفل قائمة إعتباراتها.

إيران تزداد تغولا عاما بعد عام، ولکن هذا التغول أمام بلدان المنطقة، لأنها لازالت لاتملك الاوراق و الخيارات و الامکانيات التي تتيح لها التغول أمام البلدان الکبرى وخصوصا الغربية منها، بل وإن الاخيرة مازالت تستطيع الامساك بتلابيب طهران و دفعها في کثير من الاحيان الى"التقزم" أمامها إن لزم الامر، کما حدث في تجريع الخميني لکأس السم بإجباره على تقبل قرار وقف إطلاق النار مع العراق و کذلك في إجبار خامنئي على تجرع کأس السم النووي بإرغامه على القبول بالاتفاق النووي و تجاهل خطوطه الحمر ال19! لکن الذي يجب أن نأخذه بنظر الاعتبار، هو إن طهران تسعى للعب مع الدول الکبرى و توظيف کافة إمکانياتها للمناورة معها ساعية في نهاية المطاف الى عملية مقايضة لکي تخرج من المولد بحمص"کاف"، وبطبيعة الحال، فإن الخاسر الاکبر من تلك المقايضة، بلدان المنطقة لأنها إن جرت فإنها ستجري على حسابها.

الاستعجال يبدو أکثر من واضح على إيران خصوصا عندما أعلنت الانتصار على داعش و نسبت ذلك لنفسها بل و للجناح الخارجي للحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني(المرفوض إقليميا و دوليا)، کما إنها مستعجلة أکثر في فرض ميليشيات الحشد الشعبي في العراق کقوة سياسية الى جانب ثقلها العسکري، تماما مثل حزب الله اللبناني و الحوثيين، کما إنها تعمل حثيثا بنفس الاتجاه في سوريا من خلال إنشاء کتائب طائفية ليس بإمکان نظام الاسد أن يقف دونها، وبذلك فإن إيران تعمل على جعل دائرتها واسعة حاليا بحيث تشمل العراق و سوريا و لبنان و اليمن، وهذا يعني إنها تريد الإيحاء للدول الکبرى من إن حدودها"الفعلية" قد وصل على البحرين المتوسط و الاحمر.

في هذا الخضم، لازالت المواقف المتخذة عربيا من إيران دون المستوى و الطموح المطلوب ولاسيما بعد أن تأخرت کثيرا جدا حيث تمکنت إيران ليس من قوننة وجودها في أربعة بلدان عربية و جعلها تابعة له سياسيا و إقتصاديا و فکريا الى حدما، بل وإنها نجحت أيضا في تلغيم العديد من بلدان المنطقة حتى العالم التي تتواجد فيها کثافة شيعية بخلايا نائمة يتم إستخدامها عن الحاجة و الطلب، وقد أعلن ذلك قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري بکل وضوح في تصريحاته الاستفزازية الاخيرة، وبإعتقادنا فإن مواجهة إيران في مناطق نفوذها، هو خيار تريده و ترغب به لا بل وتفضله إيران، سيما وإنها تفاخرت مرارا و تکرارا من إنها تواجه أعدائها في شوارع بغداد و دمشق و صنعاء بدلا من طهران و إصفهان و شيراز، ولانقول هنا بإيقاف المواجهة ضد إيران في مناطق نفوذها، وإنما بإضافة عامل مواجهتها في داخل إيران نفسها، والخيارات مطروحة و کثيرة، وليس بالضرورة أبدا العزف على وتر التقسيم و تجزأة إيران، فذلك ماکان دائمافي خدمة النظام القائم في طهران، بل يجب و من الضروري جدا دخول المواجهة معها بجعل دعم و تإييد نضال الشعب الايراني من أجل الحرية و الحياة الافضل بمثابة رأس الحربة، مع تنشيط و تفعيل و تقوية دور المعارضة الايرانية النشيطة التي واجهت و تواجه طهران دون کلل أو ملل وخصوصا المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، حيث صار من المهم جدا أن تبادر دول المنطقة ولاسيما البلدان الخليجية و مصر، الى الالتفات الى العامل الايراني و إشراکه في عملية مواجهة النفوذ الايراني المستشري في المنطقة و الذي يجب أن يعملوا بأن إستمراره لن يستثني أي بلد عربي في النهاية.