أصدر الرئيس الامريكي دونالد ترامب مرسومه الرئاسي الخاص بمنع دخول الولايات المتحدة الامريكية لمدة تسعين يوما، لابناء سبعة دول وهي ايران والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال. وهذا قرار سيادي يمعنى انه حق لاي دولة ان تمنع او تسمح او تطلب فيزا مسبقا او تعفي من الفيزا. وحسب ما مذكور فان القرار اتخذ لدواعي امنية. هاج الاعلام وماج مدعيا ان دونالد ترامب اتخذ القرار لاسباب دينية بحتة، وانه اختار ان يمنع دخول المسلمين في حين ان هذه الدول الستة فيها اقليات ومكونات دينية اخرى، ليس هذا فقط بل ان هذه الدول تكون جزء صغير من المسلمين، فمسلمو الهند اكبر من اي مجموعة اسلامية اخرى وهكذا بالنسبة لاندونيسيا. ولو اراد منع المسلمين لادرج كل المسلمين بالرغم من الامر صعب لان اغلب الدول لم تعد تذكر الدين في وثائقها كما ان التسمية لم تعد تعبر عن الانتماء الديني كما كان سابقا. الضجة حدثت لاسباب قد يكون احداها ان السيد ترامب وفي فترة الترشح والدعاية لنفسه قال انه من الواجب الاحتياط واخذ الحذر لا بل منع المسلمين من دخول الى البلاد حتى التأكد منهم امنيا. ولا اعتقد انه صرح بجمع او بتسجيل كل المسلمين في الولايات المتحدة كاحتياط او لضبطهم ومعرفة توجهاتهم حسب ما راج في الاعلام. والامر الاخر الذي ذكره السيد ترامب وهناك دلائل عليه ان الادارة السابقة كانت تشجع استقدام المسلمين الى البلاد وتستبعد المسيحيين. من هاذين المثلين اتخذت الدعاية توجها دينيا، صرف في قرار امني صرف خاص بالولايات المتحدة. فمن ناحية انه يتم محاسبة السيد ترامب على ما يفعله بانه تمييز ديني ومحاباة، ولكن لا احد يتكلم عن ما مارسته الادارة السابقة في محاباة طرف معين.
ولكن المثير للاستغراب ان تلجاء اغلب الاطراف الى الربط بين ما تقرره الادارة الامريكية وبين وضع المسيحيين في بلدانهم وخصوصا التي منع ابناءها من دخول الولايات المتحدة الامريكية، وكان المسيحيين العراقيين والسوريين والسودانيين هم من التبعية الامريكية، فالتهديدات المبطنة او التي تربط بين استهدافهم وبين القرار صارت تنتشر على اوسع نطاق، فيما هم لا في العير ولا في النفير.
فصار من المعتاد سماع سؤال من مقدمي البرامج السياسية، عن مدى تاثير قرار الرئيس ترامب على وضع مسيحيي المشرق. هنا صار الكل يطبقون ما قيل سابقا بفم بعض الحكومات الدكتاتورية في المنطقة، والتي كان مضمونها انه حين يعتدي المسلم على مسيحي او اي من ابناء الاقليات، فعليهم السكوت ومسامحة المعتدي لكي لا تغضب الاكثرية المسلمة، وان كان المعتدي مسيحي او من ابناء الاقليات، فيجب معاقبته باشد العقاب لكي لا تغب الاكثرية المسلمة. ان ما ينتشر الان في هذه البرامج هو نفس هذه المقولة ولكن بصورة اخرى، وهي ان منعت او اتخذت الادارة الامريكية قرارا ما لا يعجب المسلمين وما اكثرها، فاخوتنا المسلمين او اغلبهم يعتقدون او يؤمنون بان سبب مصائبهم هي الولايات المتحدة الامريكية، فيجب او يتوقع ان يكون لهذا القرار تاثير سلبي على المسيحيين وكان المسيحيين من مواطني اميركا. اي في كل الاحوال تكاد ان تكون محصورا، في كماشة لا فكاك منها، انت متهم متهم، مهما فعلت او لم تفعل.
يتناسى الكثيرين ان دونالد ترامب تسنم الرئاسة منذ اقل من شهر، ولكن اجتياح مناطق المسيحيين والازيدية حدث عام 2014 من قبل داعش وعمليات قتلهم واستهدافهم لم تتوقف طيلة السنوات المارة، وليقدم اخوتنا في مصر جداول ببناتهم المختطفات وكنائسهم المحروقة والمفجرة، وابناءهم القتلى بلا سبب. وهكذا الامر مع مسيحي سوريا. ان ما يحاول بعض مقدمي البرامج السياسية عمله او يعتقدون انهم يعملوه هو جعل الادارة الامريكية رهينة بسبب مصير المسيحيين المشرقيين، وكان هم هذه الادارة كان هذا المصير في يوم ما.
او هو ايحاء ما يوجه للتوجهات المتطرفة لاستهداف المسيحيين، ومن ثم القول ان ممارسات ترامب ادت الى استهدافهم. ان بعض التوجهات الليبرالية، تعتقد انها الوحيدة على حق، وكل من لا يتوجه بما تقول وتؤمن فهم يجب ان يعزلوا، ومن هنا نرى ان هذه التوجهات ونتيجة لعداءها للسيد ترمب وطروحاته، فانها مستعدة، لاشعال نار حرب دينية. والا فان ما مارسه السيد ترمب في منع مواطني سبعة دول من دخول الولايات المتحدة ليس بذلك الامر الكبير والشاذ. وخصوصا لو ادركنا انه مؤقت، ويتم تعديل الممارسات الخاطئة فيه او تشذيبه. لا بل ان دول تمارسه وان لم تعلنه. فهناك دول تمنع تجنيس الناس لاسباب دينية وهناك دول تعيش فيها جاليات وتعمل لاجيال ولا يحق لابناءها التمتع بجنسية البلد الذي ولدوا وعملوا له.
ان معارضة قرارات السيد ترامب هو حق من حقوق المواطن الامريكي، ومن حقنا ان نبدئ الراي بها سلبا و ايجابا، ولكن المعارضة يجب ان تكون بخطوات وطروحات معقولة ولا تكون سببا في تقديم ضحايا ليس لهي ناقة وجمل في كل ما يحدث، بل هم ضحايا في اوطانهم ومن قبل ابناء اوطانهم. من هنا نود ان نوجه انظار العالم الى التيقض والحيطة مما يحاول البعض المحسوب على الليبرالية من دفع الامور لتصله، فالاقليات في المنطقة لا تزال تقدم وبدون اي سبب تضحيات وخسائر في كل النواحي سواء بالانفس او الممتلكات.