قطع العلاقات مع قطر من قبل المملكة العربية السعودية ومصر والأمارات العربية والبحرين، تحت مسوغ أنها دولة داعمة للأرهاب، لم يقنع المتابع السياسي للشأن الخليجي وملفاته العديدة ومنها ملف الأرهاب ومداخلاته، لأن ما اتخذ ليس قطع علاقة دبلوماسية أو سياسية وحسب، إنما مقاطعة أشبه بالحصار، لأن قطر في ظل اجراءات المقاطعة فقدت الحركة البرية لحدودها الجنوبية مع السعودية والأمارات العربية، كما فقدت حرية الملاحة في شواطها الغربية والشمالية اذ تتجاور بحريا مع السعودية والبحرين، الأمر الذي يعني تعرضها لعقوبة قاسية، خانقة، ناهيك عن المقاطعات الاقتصادية وحركة النقل والمبادلات التجارية، وهو ماجعل الاسواق القطرية تشهد هبوطا ومخاوف غير مسبوقة مع الساعات الأولى لاعلان مقاطعاتها.

 تعليق اسباب المقاطعة يقوم على تبرير ان قطر راعية للأرهاب، يشير الى ضعف منطق الاعلام السياسي للدول المقاطعة، لأن قطر وبحكم القوة الناعمة التي تملكها كالأموال وقناة الجزيرة، موغلة بمنهجيات دعم ما تتهم به اليوم وتنوع الاساليب والسلوكيات في تشكيل خط مناهض للاستقرار في الشرق الأوسط، وليس اقل منها دعمها لماحدث في ليبيا ومصر وسوريا والعراق، والتزامها المنهج السلفي المتشدد والتحريضي الداعم للتطرف وحركات التكفير والاخوان المسلمين، مما ادى الى تحطيم اللحمة الداخلية لبعض الدول، كما تحولت قناتها الفضائية الشهيرة والمؤثرة لواجهات دعائية وتحريضية علي التسويق الاعلامي للتنظيمات المتطرفة.

 القمم الثلاث والمنهج السياسي الجديد الذي برز في ضوئها، ماعاد يسمح لدولة قطر القيام بالدور المزدوج، فهي تدعم تنظيمات متدشددة- وهو أمر واضح لجميع دول المنطقة- ولديها تواصل مع اسرائيل، وتدعم قطر منظمة حماس وهي تحسب لارضاء جميع الاطراف القوية والمؤذية في توازن يحمي مصالحها، دون النظر للفوارق الطائفية أو المنهج السياسي، لكن اشتداد العزل في الخنادق السياسية والمواقف ماعاد يسمح لهذه الادوار،انما تحديد موقف ودور ينسجم ويتطابق مع مصلحة منظومة دول الخليج، كما يراه الاجماع الخليجي الأخير في السعودية.
يذهب بعض المتابعين والمحللين السياسيين الى وضع تصور بانضمام قطر لحلف ايران وسوريا وحزب الله، وهذا وهم ومغامرة تعرف قطر انها مرفوضة رفضا مطلقا من قبل امريكا، ناهيك عن دول الخليج والرأي العام القطري.

 اليوم بدأ حلم قطر بالدولة الاقليمية المؤثرة يتحول الى سراب، بعد ان بدأت اسواقها تقرع اجراس الخوف لأن بضائعها التي تنقل من السعودية عبر الحدود البرية أغلقت، وانتقل الخوف للمواطنين الذين استشعروا خطر ما سوف يحصل لاحقا.

 عقوبة قاسية سوف لن تستمرأها قطر، مما يضعها امام خيارين لا ثالث لهما، أما اعلان التوبة والتراجع عن دعم الاطراف والجهات التي تقف ضد السعودية والامارات وتنتهي عن مغازلة ( اعدائهما )، أو المضي في متاعب اقتصادية واجتماعية وتذمر داخلي، لايستبعد ان ينتهي الى تغيير سياسي للسلطة الحاكمة أو ابرز وجوهها.


[email protected]