رغم إني لست متفائلا، بأن ترشح الأحزاب والكتل السياسية التي ساهمت في الفشل والخراب والفساد طيلة&الخمسة عشر عاما&الماضية، رئيسا للوزراء يهمه فعلا إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها العراقيون، والتي تزداد حجما وكما&ونوعا&مع مرور الوقت، لكني مع ذلك،&أطرح فكرة أو خطة عمل قد &تصلح لتكون&نقطة إنطلاق خارج لغة السياسة- مع علمي إنها لهذا&السبب تحديدا لن يسمعها أو يكترث لها أحد-&لكي-كما يقول المتدينون هذه الايام- "القي الحجة" على رئيس الوزراء القادم وحكومته عسى أن تساهم فكرتي في إستنباط فكرة أو خطة عمل أفضل.

إن برنامج تنمية فعال ومدروس وذونتائج ايجابية سريعة وملموسة في القدرة على تحقيق انجازات متميزة&ومنظورة وفي مدة قصيرة،هوالكفيل بتوحيد الشعب وتوحيد طاقاته بالإتجاه الصحيح وهو الكفيل بمعالجة كل الظواهر السلبية التي تفرزها الحروب والأزمات الحادة وذلك يتطلب قرارا إستثنائيا ان لم أقل (ثوريا) في البدء والإنطلاق خارج السياقات النمطية والروتينية غيرالمناسبة للتعامل مع مشاكل بحجم مشاكل العراق. &

ولثقة المواطنين المفرطة بحكوماتها وبإمكانيات حكوماتها على إستنباط الحلول العاجلة لما تتوافر عليه من إمكانيات، ومستشارين وخبراء، فإنهم غالبا ما يطرحون مشاكلهم، ويتركون للحكومة تدبير الحلول المناسبة، لكني هذه المرة سأخالف القاعدة وافترض إن الحكومة تعرف المشاكل اصلا، ولكن لم يسعفها أحد، بطرح حلول مناسبة لأي من المشاكل المستعصية.&والحلول التي سأطرحها هنا لا تكلف الدولة أكثر من خمسة دولارات من كل برميل نفظ يصدرمن العراق،&مع إن&المشاكل التي ستحلها هذه الدولارات&الخمسة&إستعصت على الحكومات السابقة جميعها، مثل مشكلة الكهرباء، والماء الصالح للشرب، والبطالة، بالإضافة إلى المشاكل التي أنتجتها الحرب مع داعش، مثل إعمار المدن المحررة وتشغيل ابنائها. وتعتمد الخطة بصورة أساسية على إستقطاع خمسة&دولارات من كل برميل نفط يصدر من العراق وإيداع&المبالغ المستحصلة في صندوق يسمى "صندوق الخدمات العاجلة"&أو"صندوق الطواريء"ويكون تحت إدارة مشتركة من ممثلين لجهات حكومية ورقابية مثل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية&والوززارات الخدمية،&ولا تصرف الأموال&إلا بموافقة أغلبية المصوتين في المجلس على أن تحدد مجالات الصرف لمعالجة المشاكل أعلاه دون غيرها على وفق خطة مدروسة تضع بنظر الإعتبار الأولوية للمشاريع الأكثر تأثيرا على حياة المواطنين وإستقرارهم وأمنهم،&على أن يبدأ تمويل الصندوق من فائض الموازنة لعام 2018 الذي تحقق نتيجة إرتفاع اسعار النفط عن السعر الذي وضعته وزارة المالية للبرميل "46 دولارا"،&ولا ننسى إن الفائض المتحقق&في&الموازنة للستة اشهر الاولى من هذه السنة،&يزيد على أحد عشر مليارا، فإذا ما خصصنا نصفه لهذه الصندوق، سيكون لدينا اساس مالي نعتمد عليه في الشروع في وضع الحلول موضع التنفيذ وكما يلي:

مشكلة الكهرباء:

إفتتحت موريتانيا قبل اشهر محطة لتوليد 25 ميغاواط من الطاقة الشمسية، بكلفة لا تتجاوز 32 مليون دولار، وكان يمكن أن تكون الكلفة نصف هذا المبلغ لو لم تكن ثمة شركة&مستثمرة&إماراتية&وسيطة بين الشركة&المنفذة والحكومة الموريتانية، الجزء المهم في هذا الخبر إن مدة التنفيذ كانت أربعة اشهر فقط، مع إن هناك إمكانية لجعلها شهرين فقط بجعل العمل يستمر على مدار الساعة. مثل هذه المحطات يمكن تشييدها في أطراف المدن، وهي لا تحتاج إلى وقود من اي نوع، ما يجنبنا مشاكل الصراع بين وزارتي النفط والكهرباء على توفير الوقود والمبالغ الضخمة لتوفيره. إنشاء 100 محطة من هذا النوع خلال مدة شهرين على أطراف المدن يوفر 2500 ميغاواط إضافية للشبكة الكهربائية، وبكلفة إجمالية تتراوح بين (مليار ونصف دولار كحد أدني وثلاثة مليارات دولار كحد أعلى).&علما إن كلفة إنشاءها ستسترد&بعد عام واحد فقط من خلال توفير مبالغ الوقود اللازمة لتشغيل محطات تنتج نفس القدرة من تلك&التي تعمل بالوقود السائل. وهذا لا يتعارض مع إمكانية نصب محطات توليد كبرى كتلك التي أنشأتها شركة سيمنز في مصر والتي لم يستغرق إنشاءها أكثر من عامين وبكلفة ستة مليارات يورو، وبطاقة إجمالية قدرها 14400 ميغاواط، على أن تشترط الحكومة العراقية أن تعمل الشركة كل ما يلزم لتعمل تلك المحطات على الغاز المصاحب الذي لازال يحرق عبثا منذ عام 1937.

مشكلة مياه الشرب:

هذه لم تكن مشكلة في البلدان التي فيها شحة من الماه العذبة، فالجزائر مثلا&تعتمد بصورة اساسية على&20 محطة تحلية&لمياه البحر&لتوفير مياه الشرب، بعضها تعد الأكبر في قارة أفريقيا، لا تتجاوز كلفة أكبرها&نصف&مليار دولار،فقد نفذت مجموعة شركات&،&واحدة من أكبر محطات التحلية في العالم، تكفي لتلبية &حاجات خمسة ملايين شخص بمعدل 100 لتر للشخص الواحد، قرب ولاية وهران الجزائرية بكلفة لم تتجاوز 468 مليون دولار فقط&،&مع إن طاقتها الإنتاجية تقدر بخمسمائة الف متر مكعب من الماء الصالح للشرب يوميا،&لم تكن بحاجة إلى قرض ياباني أو بريطاني بعشرة مليارات يورو لهذا المشروع. ولدينا مثال مبهر آخرمن مصر، فالجيش المصري&يقوم حاليا،&بإنشاء محطة تحلية توفر مليون مترمكعب من مياه الشرب بجهود وخبرة ذاتية، فلم تعد مثل هذه المشاريع تتطلب شركات ذات تخصصات تكنولوجية عالية،&قدر تطلبها لإرادة وطنية صادقة&في توفير الخدمات الاساسية للمواطنين، بدليل وجود&مشاريع&تصفية مياه في البصرة لا يتطلب&إنجازها&غير توفر الإرادة الحقيقية والإدارة العملية&التي تتلخص بتجاوز الروتين والبيروقراطية المرافقة للفساد عادة، وتسريع وتيرة العمل&فيها لإنهاء هذه المشكلة، بجعل&دوام العمل&في تلك&على ثلاث وجبات&عمل&وإستمراره على مدار الساعة.

تشغيل الأيدي العاملة ومعالجة مشكلة البطالة:

أعلم إن هذا الموضوع محدد بشروط معينة تعيق تطبيقه بعضها خارجية، مثل شروط، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي&وهي غير معنية بأي شيء خارج إهتماماتها بالمال وإستثماره، لكن عندما يتعلق الموضوع بأمن البلد ومواطنيه ومستقبل ابناءهم، علينا أن نعتمد خططنا الخاصة بالمعالجات، فمن ينظر إلى مشاكلنا من فوق التل ليس كمن داخل في معمعانها.

يمكن توفير فرق عمل بكل المحافظات من الطاقات الشبابية من الخريجين الجدد وغيرهم، وبإدارة مهندسين وإداريين من الموظفين الفائضين عن الحاجة في الوزارات كافة وكل حسب إختصاصه، وتزج فرق العمل هذه بمشاريع لا تتطلب توفير مواد &أولية قدر تطلبها ايدي عاملة، مثل إزالة الإنقاض في المدن المحررة من داعش، وفتح السواقي والأنهر في الأراضي الزراعية، وزجهم في المشاريع ذات الأولوية القصوى وبدوام عمل بثلاث وجبات مثل مشاريع الماء والكهرباء وبناء المجمعات السكنية والمدارس والمراكز الصحية.&طريقة عمل هذه الفرق&وتقسيمها وتدريبها والسيطرة عليها تحتاج إلى نظام إداري دقيق-لدي كل تفاصيله- ودائرة تحقق ومتابعة مرتبطة برئيس مجلس الوزراء وتعمل تحت إشرافه المباشر.

عمار المناطق المحررة:

إعادة الإعمار لا تتطلب في كل مراحلها شركات متخصصة قدر تطلبها إدارة علمية تستثمر الوقت وقدرة العمل بطريقة علمية ومدروسة، فإزالة مخلفات الحرب مثلا- يوجد حوالي80 مليون طن من المخلفات في أيمن الموصل وحدها-&لا تتطلب أكثر من توفير ايدي عاملة مع عدد من الآليات المعروفة، وبالإمكان جعل العمل في هكذا مجالات يستمر على مدار الساعة بثلاث وجبات عمل متلاحقة، وهذا يوفر بالإضافة إلى فرص العمل، سرعة تلمس مواطني تلك المناطق لجهد الحكومة في إعمار مناطقهم، وكذلك توفير بيئة أمنية عبر إيجاد حركة عمل متواصلة في الليل والنهارمع ما يوفره ذلك من فرص عمل أخرى توجدها الحركة المستمرة، مثل سواق سيارات الأجرة والمطاعم الشعبية وغيرها.

من المهم جدا في مرحلة إعادة الإعمار التخلي عن الروتين والبيروقراطية والطرائق الكلاسيكية في العمل والإدارة، فالمواطن بحاجة لأن يتلمس نتائج عمل الحكومة ووزاراتها باسرع وقت، ولم&تعد لديه القدرة على التحمل والمعاناة أكثر، فليس&من الحكمة إطلاق الوعود لتوفير الكهرباء،فيما لا نعجل من وتيرة إنجاز مشاريع الكهرباء من خلال جعل العمل فيها مستمرا على مدار الساعة، أو أن&يعرقل العمل عقبات&روتينية&تجاوزها العالم منذ دخل الإنترنت الإستخدام المدني فيها،&بقاءنا في دوامة المخاطبات الرسمية وكتابنا وكتابكم وإنتظار نهاية الدوام الرسمي الذي يبدا الساعة الثامنة صباحا وينتهي الساعة الثانية ظهرا، لن ينقذ العراق من مشاكله بل سيراكمها ولن يكون بمقدور اية حكومة قادمة حلها.

ننتظر رئيس مجلس وزراء يفكر"خارج الصندوق"، وقادر على إيجاد&حلول إستثنائية لمشاكلنا المزمنة، مبدع في الإدارة، مقل في الخطابات الفارغة التي لم تعد لها آذان صاغية، لا يكون همه إرضاء حزبه أو كتلته، هذا وحده مؤشر خذلان لمواطنيك الذين لازالوا على أهبة الإستعداد للنزول إلى الشارع، فهل ستكون عند حسن ظنهم، وتعيدهم إلى بيوتهم وعوائلهم سالمين وآمنين ومستبشرين؟