بناءً على&مكالماتٍ&شخصية&مع العشرات&من&الأهاليالموثوق بشهاداتهم&حول&المجريات،&فما رأته نواظرهم،وما تناهى إلى أسماعهم&في منطقة كرداغ/عفرين،&أن المجاهرة باسم الإله كانت من الصيحات المشتركة لدى معظم إن لم نقل كل العناصر التي شاركت في الهجوم على&المنطقة،&ورغم&صياحهم&باسم الرب&آنئذٍ،&والتدثر&بآياته،&وتنقلهم&في ظلال&سوره،&والإصرار على الإلتحاف بأحاديث&نبي&المسلمين،&لقد&عاملوا&المدنيين&وفق&شهادات&المقيمين في المنطقة&بكامل الفظاظة&والاحتقار&مع حملات اعتقالات عشوائية&طالت مئات الأبرياء&بدعوى&الوقاية من&وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي&PYD،&علماً أن الوحدات التابعة لتنظيم&PYD&كانت قد تقهقرت وغادرت المنطقة قبل 18/3/2018 بينما الممارسات التعسفية&حسب الأهالي&لمعظم&عناصر&الفصائل بدأت بعد انتهاء المعارك؟!&ناهيك عن لجوء فصائلَ&بأكملها إلى&السلب والنهب&والسطو المسلح&والذي&وثّق&منه&يوم واحد فقط&مصوّرٌ&تركي كان في&قلب&مدينة&عفرينأثناء إعلان تحريرها من&الوحدات العسكرية لـ:&PYD،حيث&تناقلت&حينها&صور&الصحفي التركي&وكالات الأنباء العالمية&وفي مقدمتها وكالة الصحافة الفرنسية، ومن ثم مُنع&وإلى تاريخ اليوم&دخول الإعلام الحر إلى المنطقة&ربما&من باب التستر&على كل ما يجري هناكفي ديار الكفَرة&وفق عقلية وثقافة معظم العناصر الذين سبق لبعضهم أن حارب الكُرد الكفرة بأُمرةنظام الأسد&العلماني!!&واليوم&راحوا&يحاربون&نفس الكَفرة&بأمرة تركيا&العلمانية!!.

وبما أن الكُرد كَفرة بمنظور كل من يريد اجتياح مناطقهم،&لذا المتدينون&من أهل المنطقة&بيّنوا بأنهم&أكثر من&اليساريين والعلمانيين&مِمَن&ضاقوا ذرعاً بتلك الهتافات&الإسلاموية&التي نطق&بها&مجتاحو&ديارهمباسم محاربة جهة عسكرية&كانت قد غادرت المنطقة أصلاً قبل مجيئهم، وذلك&لتبرير سطوتهم وشرعنة&ممارساتهم&الدنيوية بالشعارات والخطابات الدينية،&وحيث كان حال&مسلمي&عفرين (كرداغ)&في العملية العسكرية التي سميت بغصن الزيتون&أقرب إلى&حال&الهنود الحمر&مع&البيض من&دعاة الدين&المسيحي&في أمريكا،&وكيف&كان&الهنود&مشاريع&تنكيل وإهانة&من قِبل&المسيحي الأبيض&الذي&بكل صفاقة كان&يقول&بأنه جاء إلى ديارهم&مبشراً ونذيرا.

ومن بعض&العلامات&على&امتعاض أبناء المنطقة من الشعارات الدينية التي كانت&غطاء&شرعي&للسطو والابتزاز،&أني&أوّل مَن&اتصلت&بأحد&أبناء المنطقة كان مِن&فئة&المتدينين وليس من العلمانيين&أو الماركسيين، إذ في الشهر الأول من السيطرة على عفرين إذا لم&تخني الذاكرة اتصلت بأحد الأئمة في&المنطقة&ـ ولن أذكر اسمه هنا خشيةً عليه من فارضي الدين بالإكراه ـ&وبعد السلام والاستفسار عن الأحوال سألته ماذا تفعل الآن؟ فكان جوابه صادماً لي، إذ قال الرجل: أنا في العُدة حالياً؟ فقلت يا شيخي أعرف أن الدخول في العدة يخص النساء وليس الرجال؟ فقال الشيخ: لو كنتَ هنا لدخلت العدة مثلي، ليس اقتداءً بالنساء&أو تضامناً معهن أو تقليدهن،&إنما قرفاً&من&أغلب&هؤلاء الذين جاؤوا يهدوننا إلى الصراط المستقيم!&فالشيخإذن&لم يجد صفة مليحة فيمن&ادّعوا&من أهل الدينبأنهم&جاؤوا&ليخلصوا&المنطقة من سلطة&YPGاللادينية،&إنما بدا وكأنه قارب الكفر بالذي يجمعهبهؤلاء&المبشرين&في دين واحد، حتى أن الشيخ أضرب عن الذهاب إلى الجامع&من وقتها&وراح يصلي في بيته حتى لا ترى عيناه&حسب قوله&مناظر هؤلاء الذين يرون أهل المنطقة كفاراً&وهم المسلمون الذين جاؤوا لهدايتهمإلى الطريق القويم،&هذا&وفق&تصورات أغلب تلك العناصر،&وربما كان ذلك&التوجه الأيديولوجي&متوافقاً تماماً&مع&مزاج&من لقّنهم وحشاهم بتلك التصوراتالتافهة.&

على كل حال فذلك كان في الاتصال الأوّل&مع الشيخ،أما&في المرة الثانية&فقال&الشيخ&في اتصالِنا معه:&"مع أن الصلاة حسب النص القرآني تنهي عن الفحشاء والمنكر، ولكنها في منطقة عفرين ومنذ&أكثرمن&ستة&أشهر&فلم تقدر&كل نصوص الدين&على&إنهاءالسلب والنهب والسطو" وهو ما يعني بأن الدين لدى الملتحفين به ليس أكثر من زي وأداة&وصولية وشعائر اجتماعية،&ولا&تأثير&حقيقي&للنص القرآني&الذي يمنع الأذى والعدوان&على&كينونة وممارسات معظمهم، بل وأن الدين&بالنسبة للعسكر&ليس أكثر من وسيلة لشرعنة&غاراتهم على ممتلكات المدنيين،&وكذلك&ربمالدى&حاخامات السياسة والعسكرة&الذين أعطوا العناصر رخصة الإنفلات&وقالوا للأنفار&بأن هذه المنطقة مستباحة لكم،&فتجولوا في مضاربها،&وانهبوا ما استطعتم إليه سبيلا، وإلاّ&لكان على الأقل قد ظهرت فئة أخرى&بالضد منهم&تقف بوجه الداخلين بعقلية الغزاة،&أو&خرج مَن&انتقد ممارسات رفقائهم،&أو&على الأقل&تبرؤوا&علناً&من&نتانة أعمال&عناصر الكثير منالفصائل التي لم تقم&غير&بوظيفة&السلب والنهب وممارسة&عناصرها&كامل&أمراضهم السلطوية، وذلكتعويضاً&عن الذل والمهانة التي تجرعوها&سنين طوال&من&قبل&زبانية&الأجهزة الأمنية لنظام بشار الأسد.

عموماً&بما أن&مبشري&الدين الإسلامي قد جعلوا حتى المؤمن من أبناء المنطقة في دخلية نفسه ينفر من الدين بسبب ما رآه في&ملامح وسلوكيات&كِرازة* الدين؛&لذاحريٌّ بنا أن نذكر دعاة الناس إلى الدين بصفات الداعية،&ولكن&تجنباً للإطالة على القارئ لن أعدِّد الفقرات التسع من صفات داعي الناس إلى الدين وفق الترتيب الذي أورده الكاتب محمد أديب كلكل في كتابه&"الأنيس في الوحدة"، ولكني سأذكر&رحيق الصفات، أي&الجانب&السلوكي فقط والذي جاء في ختام الفقرات التي أوردها كلكل حيث يقول: "إن الداعية الموفق الناجح هو الذي يهدي إلى الحق بعمله، وإن لم ينطق بكلمة،&فهو&مَثلٌ حي متحرك للمبادئ التي يعتنقها"؛وللأمانة&التاريخية&فلم يذكر أهل المنطقة&إلى بداية هذا الشهر&مِن بين كل مَن ادّعوا بأنهم جاؤها أو دخلوا إليها&لإرشاد الكفار من أهلنا في عفرين&إلى جادة الحق&والصواب&مَن ينطبق عليهم&شيء من&محتوى التعريف&الذي أورده&الكاتب&كلكل،&باستثتاء&طبعاًالخزنويين*&الذين دخلوا المنطقة&بودٍ واحترام&لمساعدة الناس&وتقديم العون للفئة المعدومة اقتصادياً، حيث كانوا محط ترحيبٍ&في المنطقة،&بناءً على&سلوكياتهمكما نُقل عنهم،&وليس&اتكالاً على&سلاحهم كما فعلأغلب&دعاة الدين المدججين بالبغض&والبواريد.

هوامش&تُثري&ما ورد في المتن،&تُتمِّم بناءه ولا تزاحمه:

ـ&*كرداغ: بالمناسبة&تعمدت استخدام اسم كرداغ بدلاً من عفرين، باعتبار أن معنى التسمية مزعج جداً لمن نهلوا علومهم من حجرات مؤسس حزب البعث العربي الاشتراكي ميشيل عفلق،&كما&تدفعهم التسمية بنفس الوقت&إلى&ابتلاع ريقهم غيظاً،&وذلك&لأن التسمية عثمانية وليست كردية،&كما نود تذكير القارئ&بأن العثمانيون لم تكن لديهم حساسية تجاه كل ما هو كردي، كما هو حال&حشود&العفالقة، لذا سمى العثمانيون منطقة عفرين على اسم سكانها أي (كرداغ) بمعنى جبل الكرد، وهنا لسنا في وارد تبجيل تلك الفترة الزمنية&قط،&ولا نبغي العودة إلى تلك الحقبة التاريخية،&ولكننا نود&أن نقول بأن كل الحكومات القومية والوطنية التي جاءت بعد&الدولة العثمانية في منطقتنا&لم تكن أفضل منها في التعامل مع الأثنيات ومكونات&المنطقة.

ـ&*الكِرازة:&هي المناداة علنًا بالإنجيل للعالم غير المسيحي&والتبشير العلني،&والكرازة&حسب الأدبيات المسيحية&تكون في الأغلب لغير المؤمنين، وكلمة كرازة،يكرز&لغوياً&تأتي&بمعنى:&ينادي بصوت عالي؛&وهيتعني&الوعظ&والتبشير بتعاليم السيد المسيح.

ـ&*الخزنويين:&الخزنوية عائلة&دينية&معروفة&تقطن في شمال شرق سورية في قرية تسمى تل معروف تابعة لمدينة القامشلي،&حيث كانت ومازالت&تل معروف&مركزاً&دينياً مهماً&بقيادة آل الخزنوي،&ويوجد فيها المجمع الخزنوي للعلوم الشرعية الذي يرتاده الكثير من الطلاب لتلقي العلم الشرعي.