قد&لايعلم&البعض من القراء&الأعزاء&ان&الفنان&الفرنسي&الكبير&"&فردريك&اوغسطين&بارتولدي&"&صانع نصب الحرية في نيويورك كان يُمنّي نفسه&ان&يضع تمثاله في مصر&ويركزه في مدخل مشروع قناة السويس&في القرن التاسع عشر&حيث كان الحفر والبناء والابتكار قائماً&وقتذاك على قدم وساق&وقد أبهرته المساعي الحثيثة لهذا الممر المائي المذهل،&وعمل جاهدا على كسب ودّ الخديوي&اسماعيل&باشا&لصنع تمثال الحرية بمدخل القناة وقدّم تصاميمه&الاولى&عسى&ان يحقق رغبته وحلمه في ارض مصر؛&لكن محاولاته الحثيثة قد باءت بالفشل&الذريع&بسبب الضائقة المالية التي كانت تمرّ&بها&مصر وهي تشيّد وتبني قناة السويس&.

حاول هذا المثّال الفرنسي الباهر&ان&يرسم&"سكيتشا"&فنياً&مستوحىً من&الالهة&الاغريقية&"&ليبيريتاس&"&والتي تعني الحرية&وتمثّل هذا&السكيتش&بظهور فلاّحة مصرية ترفع شعلةً&من النار توجهها نحو السماء بملامح تشبه&الى&حد ما ملامح النصب الحالي&في أميركا&وعرضَه على الخديوي سنة / 1867 بمساعدة&صديقه المهندس الفرنسي&"&فردينالد&ديليسيبس&"&الذي كان يعمل&مع بقية المهندسين الماهرين&في شق&القناة&،&اذ&كان صديقه ذا حظوة&مقبولة لدى الحكومة المصرية وقتذاك نظرا لبراعته وتفانيه في العمل بمشروع قناة السويس&اذ&كثيرا ما كان هذان الصديقان يتزاوران ويلتقيان في مصر؛&لكن مشروعه لم يحضَ بالموافقة رغم رضا الخديوي عنه إبداعيا نظرا للضائقة المالية للخزانة التي استنزفت القناة الكثير من المصروفات.

لم يُصَبْ المثّال&"بارتولدي"&باليأس&والإحباط&وعمل على&أعادة الكثير من التعديلات على التصميم عسى&ان&يقنع&اسماعيل&باشا بدفعٍ&من صديقه المهندس&"&ديليسيبس&"&وعرضَه مرة أخرى&عليه في العام / 1869 لكن الحظوظ العاثرة كانت له بالمرصاد فلم تتم الموافقة عليه.

بقي&بارتولدي&بضع سنوات في مصر بصحبة صديقه&يبذل المساعي تلو المساعي أملا في تحقيق ما يصبو&اليه&بمعيّة رفيقه لكن الخيبة&ظلّت ترافقه&حتى دبّ اليأس فيه تماما&وقفل راجعا&الى&بلاده؛&لكن الفكرة ظلت في خلَده وبدأ بالعمل&في النصب&في فرنسا&بدعم مالي من الشعب الفرنسي وأنجزه&بشكله الحالي القائم في&"&ليبيرتي&آيلند"&اليوم&وقدمه هدية للعالم الجديد / 1886 لان العالم الحضاري&الشرقيّ&القديم&وفي أوساطنا بالذات&فيما يبدو ليس له شأن بالحرية&آنفاً وآنيّاً&.

[email protected]