عندما يُقال لنا إن لبنان خاضع لسلطة حزب الله&نعترض&ونتململ،فمن المهين لنا كلبنانيين&أن يكون&مصير بلدنا&محكوم بفكر&ديني&أحادي التوجّه،&لديه أجندته الخاصة&عسكرياً سياسياً وإقليمياً.&

على مدى الأشهر الماضية من محاولات تشكيل الحكومة، وعدا عن تمسّكه بوزارة الصحة، كان&حزب الله&محايداً والخطاب العلّني&للسيد حسن&نصرالله&هادئاً،&وكان التوتر والأخذ والرد محصوراً بالأقطاب السياسية الأساسية&والمتنازعة أصلاً على الحصص والحقائب&السيادية.

ولكن النبرة التي خرج&السيد حسن نصرالله&يتحدّث بها&في&"يوم الشهيد"،&تنبىء بأن منطق القوة الذي ينطلق منه&يهمّش&فيه&أي سلطة أخرى غير سلطته وسلطة حزبه، بما فيها رئاسة الجمهورية. خرج ليقول "لو بدي عطّل تشكيل الحكومة لدّي الجرأة لأقول ذلك&وأستطيع"،&وفتح نيرانه على بعض الأحزاب السياسية الأساسية،&رامياً كرة الحلّ&في ملعب السنّة المستقلين. السنة المستقلون الذين لا نذكر أنه سبق&وعلّق تشكيل الحكومة عند حصّة لهم في&أي من الوزارات السابقة،&ولا نعرف من أي خلفية خرج حزب&الله&ليطالب بحصّة لهم&الآن،&ويضع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري تحت&الضغط،&فحلّ العقدة هذه المرّة مرتبط بتنازل الحريري&شخصياً.

اذا عدنا بضعة أشهر إلى الوراء، تحديداً إلى النتائج التي خرجت بها "المحكمة الدولية الخاصة بلبنان" والتي كانت تحقّق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وكلّفت الخزينة اللبنانية، العاجزة أصلاً، ملايين الدولارات... اذا عدّنا إلى تعاطي الحريري الإبن مع نتائجها التي تدين حزب الله، كان مستسلماً أكثر من اللازم، وأي مراقب سيعي أن ذلك&نابع من خوف&ما،ولتوخي عواقب ردود&أفعال&يعرف سلفاً أنها ستكون وخيمة على البلد.

نحن كلبنانيين لن يتغيّر علينا شيئاً&بين حكومة تصريف أعمال وحكومة جديدة، فالهدر والفساد والصفقات المشبوهة ستبقى هي هي&فقط&سيتبدّل&اللاعبون في كل وزارة، ولكن خطاب السيد نصرالله وضعنا تحت الأمر الواقع وبالفم الملآن،&نعم هو من يتحكّم بالبلد ومن منطق سلطة القوة، قوة السلاح بطبيعة الحال. فهذا الحزب الذي لم يعد خافياً على أحد قوته العسكرية والميدانية والتي تفوق&القوة العسكرية للدولة اللبنانية، وجّه في 7 أيار 2008 رسالة&إلى أي مسؤول تسوّل له&نفسه أن يعترض مشاريعه بأن الرد سيكون عنيفاً على شاكلة اجتياح بيروت وترعيّب أهلها. والرسالة وصلت بالعنوان العريض، فمن&رفع&السقف في الماضي يتحدث الآن بمرونة&وبتواضع أكثر من اللازم، والثقل المسيحي أصلاً عقّد حلفاً مع حزب الله، بغض النظر إن كان هذا الحلف يتعدّى المصالح السياسية للطرفين ويلتقي على أي من المبادئ؛فعلى سبيل المثال لا الحصر، من&كان شبابه&يضربون&بالعصي ويُسجنون بسبب النظام السوري،&من البديهي أنه لن يكون يصفّق&لهذا النظام&عن مبدىء وقناعة. أما الرئيس المكلّف فهو أصلاً وضع نفسه بموقف الضعف عندما قرّر التعالي على الجراح والعفو عن الذين أظهرت المحكمة الدولية تورطهم في اغتيال والده، ونتحدث هنا عن كوادر حزب الله، وذلك بحسب كلامه لتغليب مصلحة البلد.

اذا نحن الآن أمام مأزق أكبر بكثير من تشكيل حكومة شدّ حبال ومحاصصة&بين أطراف سياسية تتقاتل&بجشع من يأخذ الحصة الأكبر، نحن أمام أمر&عسكري&يفرضه حزب الله، إما تسير الأمور مثل ما أريد أنا أو الفوضى... فوضى في بلد ما عدنا نستطيع أن نقول إن أي شيء فيه يسير على ما يرام، بلد على حافة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي، بلّد يصّح أن نقول إنه موبوء بيئياً وغذائياً وصحياً.&وهكذا قد يكون&في العلن،&البيئة الحاضنة لحزب هي التي تردد "لبيك يا نصرالله"،&ولكن في الواقع&بلد بأكمله يردّد&خاضعاً&"أمرك نصرالله"!