طبق&“العهد القوي”&في لبنان&مبدأ&"النأي بالنفس"&حرفياً&ولأول مرة،&بصمتٍ مريب عن مسرحية "النصر المبين" التي عرضها الوزير السابق وئام وهاب برعاية أزلام النظام السوري في&بلدة الجاهلية بجبل&لبنان! فالشعب اللبناني كاد&لا يصدق غياب جبران باسيل عن رصد الأجواء&ليسجل سابقة في عمره السياسي&ملتزماً&دوره كوزير خارجية&عن الشؤون الداخلية، ومحيداً تصاريحه عن الأحداث في&الجبل&الذي اعتبره&خارج سلطته كحامي للمسيحيين الذين نأوا بأنفسهم عن مواجهات الشارع_&تماماً كما فعلوا في 7 و11 أيار المشؤومين منذ سنوات!&

تظاهرات مسلحة بُعيد توقيف شاحنة أسلحة كانت في طريقها إلى المطلوب من العدالة في بلدة الجاهلية وسط صمتٍ&رئاسي مطبق! تلاها تبليغ&رسمي&قابله&سلاح متفلت في الشارع وسقوط ضحية،&وأركان&العهد القوي&يتعاملون&مع الواقعة&وكأنها&صدامات&تقع&في بلاد العم السام...!&

سيناريوهات&متعددة&للجريمة وتلفيقات وتقارير طبية مشبوهة وأكاذيب أطلقتها وسائل إعلام وكذبتها أخرى،&والعهد القوي غائب عن الأحداث! هواء مفتوح لكلام طائفي تحريضي مسموم..&ووزير الاعلام يغيّب&نفسه&عن السمع!&

نعم،&هكذا صمت الجميع&عن أزمة الجبل&وكأنه&مقاطعة لا تعنيهم إلا في زمن الإنتخابات النيابية حين ينادون بحقوق المسيحيين ويخافون على مصالحهم وأمنهم من هيمنة "وليد جنبلاط"!&

هكذا&غابت تصريحات الأسود والحايك وباسيل وكأن مسيحيي&الجبل هاجروه فجأة ولا خوف عليهم من الأسلحة المتفلتة ومرور المواكب من قراهم! وكذلك،صمت الحكيم سمير جعجع ونائب الشوف جورج عدوان عن انتهاكات القرى والبلدات،&لتبقى المختارة وحدها&"الخط&الأحمر"&وسط الدهشة الشعبية التي برزت بتساؤلات من كل شرائح المجتمع اللبناني،&وتحولت لنكات هزلية مؤلمة&عبرمواقع التواصل الإجتماعي: "أين العهد القوي.." فيأتي الجواب: إنه "يغط في سبات"!&

لن ندخل بتفاصيل المسرحية التي سقط ضحيتها شاب تتضارب الأخبار حول وفاته مع أرجحية التقارير التي تؤكد&إصابته&بالسلاح&المتفلت بيد ميليشات حزب التوحيد،&على فرضية تسميته&شهيداً&لغدر الشرعية كما ادعى وهاب الذي ناقض نفسه بنفسه بعدة سيناريوهات&عبر شاشات استصرحته&مرارا وتكرارا فأوقعته بشرك&التباينات&بين تعليقٍ&وآخر بحسب التوصيات الواردة اليه تباعاً، بلا حسيب أو رقيب&على مصداقية الإعلام!

وقعت&جريمة مريبة&تلاها&تشييع&ودفن&سريع للضحية، لتبدأ إحتفالات التعازي&بقدوم&أزلام النظام السوري&وسنة الثامن من آذار&الذين أطلوا على الجاهلية ليعلنوا انتصارهم بانتصار وهاب على الشرعية اللبنانية!!&

هيبة قوى الأمن كانت على المحك، لكن&رئيس البلاد&ظلّ&في موقع المتفرّج، فيما يصوّر&الإعلام&الدولة&وكأنها&ميليشيا تهاجم الناس،&بينما&يستمر الصمت&عن التجاوزات!&
والتفسير الوحيد لكل هذا الصمت قد يكون مقبولاً بفرضية توجيه التعليماتالحاسمة&من&النظام السوري&الذي لم ينسَ ولم يغفر لباسيل تصريحاته على لوحة الجلاء في نهر الكلب احتفاء بخروج الجيش السوري من لبنان!&

أما&حزب الله&فحاول إكمال مشروعه لتحجيم دور الحريري، لكن،&هذه المرة من بوابة الجبل عبر استنهاض همم الموحدين الدروز المعروفين برفضهم لاستباحة كرامتهم!&فكان أن حاول ترويض الحريري بإحراجه في بلدة جبلية عبر&تصوير الوضع وكأنه&أعطى أمر عمليات باقتحام&بلدة درزية بمساندة وليد جنبلاط،&ظنا منهم أنهم يستطيعون بذلك قنص الزعيمين برصاصةٍ واحدة!&

وهكذا أطل وهاب وفقا لتعليماته ليحمّل دم الضحية للرئيس الحريري ويعاتب جنبلاط على تقاعسه بواجب الدفاع عن أرض الجبل وكرامة أهله،&متناسياً&خروجه&بألفاظه عن قيم المعروفيين&الذين يحاول&إخضاهم لأزلام الوصاية السورية،&فلا يخجل&بتصريحه المعلّب&أن&التفاوض معه أصبح_&بعد سقوط الدماء_&بعهدة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله!&
نعم، هكذا&أوكل السيد تحصيل كرامة دماء البلدة المعروفية..&ليُحرج الحريري وجنبلاط&لصالح هيمنة حزب الله&الذي يرفع شعاره "الأمر لي"!&

والمُلفِت حقاً هو مخيلتهم الواسعة التي برزت معالمها بإعلان&جبهة درزية معارضة&مؤلفة&من وهاب الذي تعالى عن جراح الشويفات&وخصومته مع "أميرها"&مخاطبا النائب طلال إرسلان. كما استنهض&فيصل الداوود والنائب السابق فادي الأعور&والاحزاب الموالية للنظام السوري داعياً إلى&وحدة الصف والموقف "حتى لا يستفرد بنا احد"!&

وعلى وقع ضحكاته&في استقبال المعزين من اصحاب التصاريح المحمومة في الجاهلية أعلن&نواب السنة مطالبهم عبر متاريس الاعلام المداومة هناك، ليطل&السفير السوري&معلناً&انتصار حلفائه في لبنان، ليتردد&بعدها&أنه "مابعد حادثة الجاهلية غير ما قبلها"! &

أمام هذا الواقع تبرز نقاط أساسية عدة تستوجب التوقف عندها:&

- النظام السوري وحزب الله يحاولان بسط سيطرتهما بتحريك الشارع المسلح، لكنهما يصطدمان&مجدداً&بحكمة وروية وليد جنبلاط وهدوء وصبر سعد الحريري

- وهاب&يعيش وهج انتصاره المؤقت&مستغلا واجب&العزاء، لكنه&سيكتشف بعد أيام مدى حراجة موقفه بعد إعلان تفاصيل العملية كاملة من جهاز المعلومات، ناهيك عن انهاء دوره على غفلة منه!

- لعبة الأحجام هذه لم ولن تقلق وليد جنبلاط الذي جمع في ذكرى استشهاد والده أكثر من مئة ألف مشارك في المختارة وأثبت حضوره شعبيا بالأرقام في الإنتخابات النيابية رغم الجهود العالية&التي تتكرر&في محاولات اغتياله سياسياً، فاعترف الخصم قبل الحليف بحضوره الزعيم الأقوى على ساحةالجبل!

- يقابل جنبلاط كل هذا الصمت المريب من العهد والفرقاء السياسيين بكل انفتاح مشدداً على أهمية الاسراع بتشكيل الحكومة والالتفات لانقاذ الإقتصاد اللبناني من الإفلاس

وفي مقابل المكابرة الهزلية بما يسمى بالمعارضة الدرزية يقول عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن_&بلجهة الواثق من وعي القاعدة الحزبية والشعبية لما يحاك لها من مؤامرات:&"ان الدعوة لتشكيل جبهة معارضة درزية كلام سياسي لا يقلقنا.."، موضحا أن "ما يقلقنا فعلاً هي الأزمة التي يتخبط بها لبنان والتي ترهق المواطن اللبناني، واذا استمرينا على هذا النحو فنحن نتجه إلى أوضاع كارثية"... !

- الرئيس الحريري يتابع نشاطه الطبيعي مفتتحاً المكتبة في العاصمة اللبنانية بيروت الى جانب رئيس العهد القوي،&مؤكداً على تمسكه بحقه بتشكيل الحكومة،&فيقول لهم&بهدوء الواثق:&"لا تمتحنوا طول صبري على ألاعيبكم واستفزازاتكم"!

-&أما النقطة الأبرز والتي يرتكز عليها تحليل الواقعة مع التداعيات،&فهي غياب الدور المسيحي كاملاً عن جبل لبنان! ليعود الى البال المشهد نفسه الذي تكرر في&هجوم أصحاب الأقنعة السوداء حين تُرِكَ&الحريري وحيداً&في بيروت،&وتمت استباحة مؤسساته الاعلامية، ووقف&ابناء الجبل من الموحدين الدروز والاشتراكيين وحدهم في التصدي بمواجهة الهجوم الأرعن من&الشركاء في الوطن!

نعم، فمسيحيو الجبل يطالبون بحقوقهم فيه حين يكون سالما ليشاركوا&بغنائمه، بينما يغيبون دوما عن ساحات الوغى في الدفاع عنه!
لكن&الجديد&هذه المرة،&هو صمتهم على&انتهاك&هيبة الدولة عبر مؤامرة أُحيكت ضد فرع المعلومات،&وكأنه اعتبر فرعا مذهبيا سنيا اكتسب هوية مديره،&أمام&عصابات&مسلحة&احتمت بهيبة "الضيعة الأبية"&في مواجهة أجهزة الدولة،&بينما يعمم الإعلام فكرة الهجوم الشرعي على بلدة معروفية!&

والسؤال الموجه إلى أركان العهد القوي:&أين هيبة الدولة من حساباتكم؟&وأين هو حرص جهابذة التيار الوطني الحر على مسيحيي الجبل وأمنهم؟&وأين هي القوات اللبنانية من دورها كشريك راسخ في المصالحة الثابتة التي خاضت على اساسها الانتخابات النيابية مع التقدمي والمستقبل؟!
وكيف تقبل القاعدة الشعبية المسيحية بصمت قادتها في المحطات المفصلية؟ في وقت يعمم البعض الملامة على جنبلاط&لوقوفه الى جانب الحريري؟!

أمام هذا الواقع المزري تفوح رائحة العفن من تخاذل المواقف وتآمرها على جنبلاط والحريري اللذين أثبتا صلابتهما بحكمة ووعي.
فجنبلاط الذي استشعر الخطر على الحريري وقف وحيدا الى جانبه كما وقف في ظروف مماثلة الى جانب والده الشهيد رفيق الحريري. كيف&لا،&وهو حين&وضع النقاط على الحروف بتحميل حزب الله مسؤولية تعطيل الحكومة،&قال له الأمين العام السيد حسن نصرالله "زبط انتيناتك"...! ألا&تبدو&الصورة واضحة رغم هدوء حنبلاط واصراره على التواصل والحوار الايجابي مع حزب الله قبل غيره سعياً للخلاص من دوامة تشكيل الحكومة؟!

في المحصلة، قد نفهم توتر حزب&الراغب بالحصول على&الثلث&المعطل في الحكومة&ليحمي نفسه&في مواجهة العقوبات الأميركية المعلنة وغير المطبقة حتى الآن، لكن كيف&سيفهم كل هؤلاء أنهم&على الرؤية البعيدة المدى وفوق كل التصاريح العبثية وشارات النصر المرفوعة&بابتسامات غارقة باستغلال&الدماء،&قد كرسوا زعامة الحريري الرابح بصموده مستعيداً شعبية إضافية كسرت الجليد بينه وبين اللواء أشرف ريفي، فيما تبرز الزعامة الجنبلاطية بقاعدتها الشعبية الحامي الأوحد لجبل لبنان في غياب أي دور للقيادات المسيحية التي غيّبت نفسها بصمتٍ مريب عن الأحداث؟!