في البلدان الاشتراكية

كان الاتحاد السوفيتي البلد الاشتراكي الأول الذي زرته وبقيت فيه عاما وبضعة شهور. فقد أرسلنا سلام عادل إلى موسكو مع زوجتي لأدرس في المدرسة الحزبية العليا. وكان الباعث الأول لإرسالي هو الناحية الأمنية ، حيث كان&البعثيون&بعد انقلابهم على الثورة قد وضعوا اسمي في القائمة السوداء ، فكنت انتقل من دار قريب إلى دار قريب آخر في بغداد.&

دخلت المدرسة الحزبية لالتحق بدورة تدوم عاما واحداً بعد تعلمي الروسية ، وحين كان شيء يصعب علي فهمه ، كان يترجم لنا بالانجليزية. وكان هناك في موسكو من قادة الحزب من أمثال شريف الشيخ ومحمد صالح&العبليوهادي هاشم وغيرهم... وجدت السكان طيبين وودودين ولم اسمع نقدا ما للنظام سوى بعض&الهمهمات&عن امتيازات الكادر الشيوعي . وقد زرت أيضا بعض منتجعات الراحة على البحر وتعرفت على قادة شيوعيين منهم كيا نوري زعيم حزب&توده&الإيراني آنذاك، والذي نكل&به&وبحزبه الخميني بعد وصوله للسلطة ، رغم أن الشيوعيين شاركوا بالثورة ضد الشاه.

ولم أزر وأنا في موسكو جمهوريات&سوفياتيه&أخرى ولكنني فيما بعد وأنا في براغ زرت جورجيا، وسيأتي ذكر ذلك. ومن موسكو إلى براغ ، حيث انتدبني الحزب ممثلاً له في المجلة الشيوعية الدولية ( قضايا السلم والاشتراكية) انتقلت مع زوجتي وطفلتنا ندى التي ولدت في موسكو .&

كانت براغ مدينة جميلة جدا وكانوا يشبهونها بباريس وناسها طيبون . أما المجلة فكان يرئسها (رومانسيف) عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي. وحيث تعرفت على العديد من قادة الأحزاب الشيوعية ، ومنها أحزاب عربية ، وكانت تجرى في المجلة ندوات نقاش حول شؤون شتى ، وتسجل نتائجها في المجلة. كانت الانجليزية تستخدم لمن لا يتقن الروسية أو التشيكية ، ولي في المجلة مقالات باسمي الصريح وباسم مستعار منها مقال عن وجوب دعم النضال الكردي في العراق.

ومن الجدير بالذكر أن كثيرين من التشيكيين كانوا يتذمرون علنا وبلا خوف من امتيازات الشيوعيين&ومن التدخل السوفيتي ، وكان الشيوعيون العرب والعراقيون، وأنا منهم يدافعون عن النظام إذا سمعوا في احد المقاهي من ينتقد النظام. وكان مما يثير النقد وجود مخازن خاصة بالعملة الصعبة لشراء سلع غربية.

في براغ &كان هناك عدد من شخصيات عراقية متميزة مابين شيوعيين وديمقراطيين، منهم عبد الفتاح إبراهيم ودكتور فيصل السامر (وزير في عهد قاسم) ومجيد&الونداوي&وذو النون&ايوب&ورحيم عجينة&والجواهري&واراخاجادور&ونوري عبد الرزاق والفنان العراقي محمود صبري . وكانت بيننا شخصية طريفة ومحبوبة غير&مسيسة&هي موسى أسد الذي كان يخدم الجميع دون مقابل. كما كان هناك عدد من القواعد والكادر الشيوعي. وكنت&مسؤول&الشيوعيين العراقيين في&تشيكوسلوفاكيا قبل أن يأتي من هم أكثر مني تقدماً في المسؤولية ومنهم زكي خيري، جاء عامر عبد الله وبهاء نوري وكان الثلاثة في عهد سلام عادل قد عوقبوا عام&1961&بسحب جميع مسؤولياتهم بتهمة الانحراف اليميني ألذيلي ومحاولة الإطاحة بالسكرتير الأول. ولكن بعد انقلاب 8 شباط وتبدل القيادة العليا ، سرعان ما استردوا المسؤولية بعد انقلاب 8 شباط الدموي ، ثم انقلاب عبد السلام عارف على شركائه واعتماد الحزب لخط آب في &1964، وجد هذا الخط معارضة واسعة بين الشيوعيين العراقيين في براغ، كما أن الديمقراطي اليساري عبد الفتاح إبراهيم&والجواهري&أبديا امتعاضا ودهشة وأرسل الأول رسالة انتقاديه إلى اللجنة المركزية ، وكان الجواب أن الحزب سيسير على الخط الجديد حتى لو عارضة غالبية الشيوعيين ، وكان&المسؤول&الأول في أوربا عهد ذاك هو سلام الناصري . وبعد 8 شباط شكلنا لجنة لفضح الجرائم وسميناها (لجنة الدفاع عن الشعب العراقي) ورئيسها&الجواهري. تحدثت عن الاستياء الواسع في براغ ونقد النظام ، ووصلت الحالة عام 1968 إلى حركة إصلاحية عارمة ، قمعها السوفيت بالدبابات، وسميت بربيع براغ. وفي مناسبة أخرى سوف أتحدث عن زياراتي لجورجيا وصوفيا وبرلين الشرقية.