هاهو دجلة ، الذي تغنى به الجواهري وقال فيه ( يا دجلة الخير يا أم البساتين...) يتعرض من جديد الى استهتار السدود التركية ، وكأنما يريد الأتراك احتكار المياه على حساب جفاف النهر العظيم، وأخطار الجفاف وكوارث الزراعة والصناعة. ويجب ان نتذكر أيضا تلاعب ايران بالروافد التي تصب في العراق، ولا سيما من الجنوب والوسط، واليوم أيضا من جهة كردستان. يزعم اردوغان ان حكومته أعلمت قبل 5 سنوات المسؤولين العراقيين بمشروعها الجديد لإقامة سد كبير على الحدود. فهل زعمه صدق امادعاء؟؟؟ فان كان صحيحا فمعناه ان الحكومة العراقية السابقة لم تأخذالإشعار التركي بالاهتمام. ان حرب المياه هذه هي اخطر وأقسى مرارا من حرب داعش في العراق، فإذا صح انه كان هناك تهاون من أية جهة مسؤولة عراقية ، فيجب التحقيق والمحاسبة. علما بان من سلموا الموصل لداعش لم يحاسبوا حتى اليوم.

ان من يستعرض تصرفات الطبقة الحاكمة العراقية منذ سنوات طوال يصطدم بحقيقة ان حكام الطائفية والفساد أهملوا اتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد أخطار جفاف دجلة ، كما أهملوا سائر الخدمات، ولم يكترثوا لتطوير الصناعة والبناء ، وإنما استفحل في عهد تسلطهم انتشار الطائفية والفساد ، في حين تضاعفت المصالح التركية والإيرانية في العراق، ووصل الأمر لحد التدخل السافر في نتائج الانتخابات الأخيرة. 

عراقنا الحبيب لا يستحق كوارث جديدة وشعبنا المنضام لا يستحق مآسي متتالية ، وهو الذي عانى منذ عشرات القرون من الغزوات والحروب الداخلية والاحتلالات، وحتى الغاز والمقابر الجماعية... ان المأساة الجديدة يجب أنتحفز كل القوى الوطنية الخيرة لكي تقوم كل منها بدورها في العمل لهذه المواجهة وتشديد الضغط على الحكام لاتخاذ كل التدابير المتاحة لمعالجة الأمور قبل استفحال الخسائر وانتشار الجفاف الذي يهدد بآثاره مدنا كبرى كالموصل وبغداد والبصرة، فهناك، عدا طريق الدبلوماسية الذي لا يبدو فعالاً، عرض الشكاوى أمام المؤسسات الدولية المختصة ، وهناك بوحه خاص تهديد المصالح التركية والإيرانية في العراق لكي لا يعربد​ أمثال سليماني ويعبث بمقدسات البلاد ولأمثال اردوغان الذي يهدد ويعربد، ساعيا ليكون خليفة المسلمين أجمعين...

ويا دجلة الخير قلوبنا معك من قريب ومن بعيد ، فالعراق هو بلد الرافدين –الأخوين، ولذلك سمي بـ (وادي الرافدين) ويا شعبنا العظيم – شعب الانتفاضات و 14 تموز ، أن بين دول الجوار من يريدون إيذاء العراق وإضعافه باستمرار، بمختلف الطرق ومنها حرب المياه، أي احتكار المياه ، مياه دجلة والفرات، وصولاً اليوم الى ان دجلة في بعض المواقع صار يمكن عبوره مشياً، وان اهوار الجنوب نفسها مهددة.... فلنأمل ان تنتهي هذه الغمة بأسرع ما يمكن وبأقل الخسائر المادية والاجتماعية والسياسية.