بدعوة من (مجلس سوريا الديمقراطية/مسد)- "الذراع السياسي" لـ(قوات سوريا الديمقراطية/ قسد) ،المقادة كردياً- انعقد، في نهاية آذار الماضي ، ما سمي بـ" ملتقى الحوار السوري- السوري" في مدينة (عين العرب)، الخاضعة لسيطرة "قسد". شارك في هذا الملتقى (كيانات سياسية) آشورية سريانية، هي (المنظمة الآثورية الديمقراطية) و (حزب الاتحاد السرياني). وفق (البيان الختامي) للملتقى، المشاركون ناقشوا ( المسألة الدستورية وخارطة طريق الحل السوري)وقضايا أخرى ، تتعلق بما يسمى بـ" الإدارة الذاتية الديمقراطية"، التي اعلنها (حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي، في المناطق الخاضعة لسيطرته.

من مفارقات (المشهد السياسي) الآشوري، أن تتهافت قوى وأحزاب آشورية سريانية على (طاولات حوار) الآخرين، فيما (لا حوار) بين هذه القوى الآشورية السريانية . ألا يفترض ، أن يسبق أي حوار مع الأطراف والكيانات السورية الأخرى (معارضة - نظام - كردية - عربية – تركمانية – غيرها ) حواراً بين مختلف الأحزاب والقوى (الآشورية السريانية) السورية ، للخروج برؤية مشتركة لـ(قضية وحقوق الآشوريين السوريين)، أولاً. ولبلورة موقف آشوري موحد من (القضية الوطنية السورية) ومن شكل الدولة السورية الجديدة ونظامها السياسي ، ثانياً ؟. الأحزاب والمنظمات والتجمعات (الآشورية السريانية)، القديمة منها وتلك التي افرزتها الأزمة السورية، تتبارى وتزايد على بعضها في التأكيد عبر بيانتها على ضرورة " تجاوز الخلافات السياسية والحزبية،وتغليب المصلحة القومية المشتركة، وتوسيع آفاق التعاون، وتعزيز آليات العملالمشترك من أجل ضمان حقوقنا القومية المشروعة وترسيخ وجودنا القومي،وتعزيز دورنا الوطني إلى جانب شركائنا في الوطن." - مقتبس من بيان( أكيتو) للمنظمة الآثورية. لكن على ارض الواقع ، ما من حوار حقيقي بين (الأحزابوالمنظمات والمؤسسات والفعاليات القومية والسياسية والمجتمعية) الآشورية السريانية. الساحة الآشورية خاوية خالية من أي جهد أو عمل آشوري مشترك ممنهج . الأحزاب والقوى السياسية الآشورية السريانية، اسيرة مصالحها الحزبية. تتوزع على جبهات وتكتلات متعارضة متناقضة في أجندتها ومصالحها وتوجهاتها السياسية والاستراتيجية. بعض القوى (الآشورية السريانية) مرتبطة بـ( أطراف كردية) وبعضها الآخر بـ( أطراف عربية، اسلامية)ومنها ما يزال يراهن على عودة (الدكتاتورية) لتحكم سوريا كما كان قبل آذار 2011.

ترتيب (البيت الآشوري)، مطلوب ومنتظر ، بالدرجة الأولى، من القوى (الآشورية السريانية) تلك التي تتصدر المشهد السياسي الآشوري، في مقدمتها (المنظمةالآثورية الديمقراطية) و (حزب الاتحاد السرياني). المنظمة، بما لها من ( تجربة ورصيد تاريخي)، فهي الأقدم بين الأحزاب الآشورية السريانية في سوريا . الاتحاد السرياني، بما له من ( حضور وسلطة على الأرض)، هي جزء من "سلطةالأمر الواقع "، المتمثلة بما يسمى بـ " الادارة الذاتية الديمقراطية" . لكن، بالنظرلوقوف كل من (المنظمة الآثورية) و(الاتحاد السرياني) على طرفي نقيض في (المعادلات والاصطفافات السياسية) في الساحة السورية، لا أجد فرصة أو إمكانية لحوار حقيقي، بناء وهادف، بينهما. ( حزب الاتحاد السرياني) مشارك في ما يسمى بـ"الادارة الذاتية الديمقراطية" وملحقاتها( العسكرية و السياسية ) " قسد و مسد ". عليها يراهن في تحقيق طموحاته السياسية والقومية. فيما(المنظمة الآثورية الديمقراطية)، منضوية في جبهة (الاتلاف الوطني المعارض)، الطامح للإطاحة بـ"نظام الأسد" واستلام السلطة. الاتلاف،يرفض ويعارض بشدة "الادارة الذاتية" لأنه يرى فيها "مشروع كردي انفصالي". سعي (الاتحاد السرياني) للسيطرة على (المدارس السريانية الخاصة) في القامشلي وباقي مدن وبلدات محافظة الحسكة ،لفرض منهاجهالسرياني المقرر من قبل "الإدارة الذاتية" ، أربك المشهد الآشوري السرياني،بشقيه (السياسي والمجتمعي)، وقلل من فرص قيام حوار وتعاون بينه وبين بقية الأحزاب والفعاليات الآشورية السريانية الكلدانية، الغير مشاركة في "الادارة الذاتية". ما اريد التأكيد عليه: نعم، الآشوريون السوريون(سرياناً كلداناً)، اليوم أكثر من أي وقت مضى، هم مدعون الى (حوار داخلي) ، معمق جاد بناء، بعيداً عن البروباغندا الاعلامية والمجاملات البروتوكولية. المرحلة الراهنة صعبةومصيرية لنا كسوريين وكآشوريين ، نأمل من جميع الأحزاب والقوى السياسية وفعاليات المجتمع المدني والأهلي والمؤسسات القومية ( الآشورية السريانيةالكلدانية)، أن تقدر جسامة التحديات والمخاطر التي تحيط بالآشوريين السوريين (سرياناً كلداناً). الظروف الصعبة والاستثنائية، تتطلب من الجميع جهداً استثنائياً و تجاوز الخلافات والمصالح الحزبية والارتقاء(فعلاً لا قولاً) الى مستوى المصلحة القومية الآشورية والوطنية السورية. هذا الارتقاء لن يتحقق إلامن خلال حوار (آشوري- آشوري) تُطرح وتُناقش فيه جميع القضايا التي تهم وتشغل بال الانسان الآشوري(سرياني- كلداني)، بدءاً من (الأمن) ،مروراً بالتعليم ،وصولاً الى (الحقوق). حواراً آشوريا بناءً، يُخرج الانسان الآشوري من حالة الاحباط والياس ، يستنهض الطاقات والهمم، يؤسس لمرحلة آشورية جديدة تتسم بالتعاون والتنسيق ، لأجل الخروج من الأزمة السورية باقل الخسائر ولتحصين (المجتمع الآشوري) بوجه أية (فتنة داخلية) في منطقة الجزيرة ،قد يخطط لها البعض. المنتظر (حواراً آشورياً) يفضي الى تفاهم واتفاق على حقوق الآشوريين(سرياناُ كلداناً) في الدستور الجديد لسوريا الجديدة ،والتحضير لاستحقاقات (سياسية وغير سياسية) تفرضها الأزمة والمرحلة القادمة. حواراً،يبلور رؤية مشتركة لـ(المسالة الآشورية) باعتبارها جزء من (القضية الوطنية السورية) العامة، وسبل دعمها في المؤتمرات واللقاءات (المحلية السورية) وفي المحافل والمنابر (الاقليمية و الدولية).

باحث سوري مهتم بقضايا الأقليات

[email protected]