وأخيرا استسلمت&"تيريزا&ماي"&فهي لن تستطيع مواصلة العمل الذي&تعشقه،&وعليها الرحيل من&"داونينغ&ستريت".&اعلنت&"ماي"&عن استقالتها من منصبها كزعيمة لحزب المحافظين البريطاني، مما يعني&أيضا&استقالتها من منصب رئاسةالوزراء، وأما السبب فهو عدم التوصل إلى اي نتيجة في الخلاف المستعصي والأزمة حول الخروج من عضوية الاتحاد الاوروبي او ما يعرف&اختصارا&بمصطلح&"البركزت". &

قالت&"ماي"&في خطاب الاستقالة&"اصبح واضحا بالنسبة لي أن مصلحة البلاد تقتضي أن يتولى رئيس الوزراء الجديد هذه الجهود&-&وتقصد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي&-&لذلك، أعلن اليوم بأنني سأستقيل من زعامة حزب المحافظين يوم الجمعة السابع من&شهر&يونيو&الحالي.&واضافت: لقد بذلت كل ما في وسعي لإقناع اعضاء البرلمان بدعم صفقة مع الاتحاد الأوروبي، ولكن ولسوء الحظ، لم أتمكن من تحقيق&ذلك،&واختتمت&كلمة الاستقالة قائلة:&إنه لشرف لي أن أكون الثانية كرئيسة للوزراء في التاريخ البريطاني ولكن بالتأكيد لن أكون الأخيرة،&وفي نهاية كلمتها انفجرت في البكاء.

أصبحت&"ماي"&زعيمة لحزب المحافظين ورئيسة للوزراء دون انتخابات عامة بعد استقالة&"ديفيد كاميرون" في شهر يوليو 2016م، وكانت&حينها&في الـتاسعة والخمسين&من عمرها&حيث اعتبرت&أكبر رئيس حكومة سنا يدخل&"داوننغ&ستريت"&منذ&"جيمس&كالاهان"&عام&1976م.&وفي نوفمبر عام&2018م&كشفت&"ماي"&عن مسودة اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بشأن&"البركزت".

كانت&"ماي"&تعتقد وقتها&إن هذا الاتفاق هو أفضل اتفاق يمكن الحصول عليه، لأنه سيضمن لبريطانيا&انسحابا منظما من الاتحاد الأوروبي بأقل قدر ممكن من الاضطراب للمواطنين والأعمال التجارية سواء للبريطانيين أو الأوروبيين،&ولكن قضية الحدود الايرلندية ظلت حجر عثرة،&فالاتفاق يحول دون عودة النقاط الحدودية بين ايرلندا الشمالية والجنوبية حتى يتم التوصل إلى اتفاق تجاري في نهاية المرحلة الانتقالية،&ولكن لا يوجد إطار زمني لهذه العملية،&وقد عارض الحزب الديمقراطي الوحدوي الداعم&"لماي"&ما ورد في مسودة الاتفاقية بشأن الحدود في ايرلندا.&&

لقد خيم&"البركزت"&على الفترة التي تولت فيها&"ماي"&منصبها، والتي استمرت نحو 3 سنوات، بذلت&خلالها&جهدا كبيرا لتحقيق نتيجة الاستفتاء الذي دعا إليه سلفها&"ديفيد كاميرون"، كما تعرضت خلال هذه الفترة أيضا لانتقادات من كل الأطراف وضربات سياسية من كل الزوايا تمثلت في استقالات مفاجئة لوزرائها وتمرد&برلمانيي&حزبها، ولكنها ظلت تتعهد بتفعيل "إرادة الشعب"&البريطاني رغم تقلص نفوذها وسيطرتها على البرلمان والحزب،&وكان عليها&تمرير اتفاقيتها في البرلمان الذي اعترض على الخطة&اربع&مرات تخللتها محاولة لسحب الثقة منها من نواب حزبها تارة ومن حزب العمال تارة أخرى.

وقد اختلف نواب حزب المحافظين بين من يريد وقف&"البركزت" وإجراء استفتاء ثان،&ومن يريد&"بركزت"&ناعما&وسلسا،&وأولئك الذين يريدون الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، ولكنهم جميعا اتفقوا على رفض&الاتفاق الذي اقترحته "ماي"،&وفي هذه الفترة صوت البرلمان برفض الخروج دون اتفاق وهو أمر كانت&"ماي"&تصر دائما على بقائه على مائدة التفاوض، &ثم تعرضت لمزيد من الإذلال عندما وافقت على مشاركة بريطانيا في انتخابات البرلمان الأوروبي&التي جرت مؤخرا،&وهو الأمر الذي أشارت سابقا إلى أنه غير مقبول&من وجهة نظرها.&&

من المتوقع&أن تكون لاستقالة&"ماي"&تداعيات كبيرة على الأزمة القائمة&حاليا&بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وأن ذلك سوف ينعكس في مواقف رئيس الوزراء الجديد الذي&سوف يخلفها، حيث&سيسعى على&الأرجح إلى اتفاق أكثر حسما، مما يزيد احتمالات الصدام مع المعارضين، وبالتالي&قد يرى نفسه مضطرا الى&إجراء انتخابات عامة مبكرة،&والتي&من المتوقع أن تشكل خسارة لحزب المحافظين، الذي يواجه منافسة شرسة من حزب العمال، الذي كان بمثابة شوكة في مواجهة مساعي&"ماي"&خلال السنوات القليلة الماضية.

باستقالتها&من رئاسة الحزب ورئاسة الوزراء، اوضحت السيدة "ماي" أسباب تقدم المجتمعات الغربية، فالمسؤولون في هذه الدول لا يتشبثون بالسلطة اذا أصبحت متعارضة مع قناعاتهم وافكارهم وأسلوب عملهم، فيسلمون القيادة لغيرهم من السياسيين ممن يستطيعون تلبية مطالب شعوبهم.&هذه هي الديمقراطية الحقيقية التي تحتكم اليها الشعوب المتحضرة.