-1-


لا تزال في عامها العاشر كما كانت في الأول...جريئة.. متفائلة.. مشاغبة.. مشاكسة...ذكية.. حسنة الأصغاء للصوت الآخر الذي لا يجد من يصغي له في عالمنا العربي المتعب المترهل المثقل بالمخاوف والأحزان.

مذ الولادة الأنيقة القوية المستندة على فكر ليبرالي متفائل وروح انسانية رحبة وطاقات دفع رصينة آمنة قوية، منذئذ اعتمدت إيلاف نهج الإنفتاح في القول والإستماع والإستجابة لما ترجو أن تسمعه وتراه وتعيشه الأغلبية الصامتة.

كانت بوابة النطق لأثنيات الشرق.. الآخرون.. الأصلاء.. الشركاء في الهم والمصيبة والفرح القليل.

وكانت نافذة الرؤى غير المؤدلجة.. رؤى المغردون خارج السرب والعارفون اكثر واعمق واصدق واجمل مما امتلك اقرانهم المسحوقون من اجنجة هذا السرب التائه.

ربما كانت الأمنيات اكبر.. اعني امنياتنا.. ربما كان هناك قدر كبير من المحاباة.. من الخشية أو الحذر، لكن ما اتيح من قدر من الحرية حتى الآن يكفي، على الأقل لحين إكتمال الفطام والنجاح في القدرة على التحليق المنفرد الشجاع ( وقدر الفطام في امتنا انه يتأخر كثيرا )...!

ساعتئذ حسب يمكن أن يكون عتبنا شديدا إن لم تتسع نافذة النور لمزيد من إشراقات المشاكسين الأبرياء والتي هي بدورها وقود قافلة التغيير الموعود.

نعم.. نحن نعرف أنها (إيلاف ) لو إنها كانت فظة غليظة القلب لأنفض الناس من حولها ولصارت مثل كثير من مطبوعات ومواقع الآيديولوجيا التي لا يمر عليها إلا بضع عشرات من المريدين لا اكثر.

نعرف هذا ونعرف أن الحرية ليست زوابع في فناجين العقول حسب، بل هي حراك تاريخي تراكمي تفاعلي مع الواقع، ينشط في الخارج ويتساوق بقوة مع متغيرات العالم الإقتصادية والثقافية والسياسية والإجتماعية.


-2-


تساؤل يطلق على الدوام وفي كل مكان وفي اعم المجالس وأخصّها.

ما مصير الصحافة الورقية في ظل حضور الصحافة الرقمية؟

بالتأكيد لا مستقبل للصحافة الورقية.. ولا الكتاب الورقي.. ولا البريد الورقي ولا المعاملات الرسمية القائمة على الورق.

ثورة الإلكترون الرخيصة.. الآمنة.. الصديقة للبيئة.. المتيسرة دوما.. وفي كل مكان.. المتفاعلة مع الناس.. القادرة بمنتهى الكفاءة والرشاقة على سماع أنّاتهم.. إطلاق اصواتهم.. ملامسة وجوههم.. التعرف عليهم.. التعلم منهم.. التفاعل معهم لحظة بلحظة وعلى الدوام وفي كل مكان واي مكان.. جميع هذا تفتقده الصحافة الورقية وبالنتيجة.. فهي بلا مستقبل.. وهذا هو المنطق.. منطق الحياة والتطور.

يبدو لي أن بقاء الصحافة الورقية ولو لبضع سنين اخرى.. هو عبث لا ضرورة له البتة ولا مبرر.

لقد كانت إيلاف سباقة إلى اعتلاء منصة الصحافة الإلكترونية العربية.. وبالنتيجة ضمنت لها قصب السبق والريادة ولا اشك في أن مستقبلها واعد ومشرق.

للغالية إيلاف ولكتّابها ومحرريها وراعيها الكريم أرق التهاني المفعمة برجاء الإستمرار على النهج وتعميقه وتطويره.