وجد مشجعو نادي مرسيليا الفرنسي لكرة القدم أنفسهم في عين العاصفة، بعد الركلة التي وجهها لاعبه باتريس إيفرا الى أحدهم قبل أسبوعين، ما أعاد طرح السؤال عن القوة الفعلية لهؤلاء.

وشكل إيفرا (36 عاما) محور جدل واسع في الأيام الماضية، اذ أوقفه النادي موقتا بعد توجيهه ركلة الى مشجع للنادي، تجادل معه قبيل انطلاق مباراة في الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" ضد مضيفه فيتوريا غيمارايش البرتغالي في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر.

ومن المقرر ان "يحارب" إيفرا الجمعة على جبهتين: عقوبات مرجحة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وجلسة مع إدارة مرسيليا قد تفضي الى فسخ التعاقد معه بشكل نهائي.

واعتبر مالك النادي فرانك ماكور هذا الأسبوع ان تصرف الطرفين، أي إيفرا وبعض المشجعين، كان "غير مقبول". 

وسلطت القضية الضوء أكثر على العلاقة بين النادي الجنوبي وقاعدة مشجعيه، والتي كانت تعد من الأقوى في فرنسا.

ويقول الرئيس المخضرم لرابطة "يانكي نور مرسيليا" للمشجعين ميشال تونيني لوكالة فرانس برس "قبل كان يسود اعتقاد اننا أكثر نفوذا مما كنا عليه فعليا (...) مشجعو مرسيليا منظمون جدا لأننا مجموعة كبيرة، ونعيش مرسيليا وكرة القدم بطريقة مختلفة تماما".

يضيف "المسؤولون سابقا كانوا يفهمون ذلك، وعملنا يدا بيد".

ويوضح خبير علم الاجتماع المتخصص في مشجعي كرة القدم لودوفيك ليسترلان ان النادي الجنوبي ورابطات المشجعين "يتجهون الى إعادة تحديد العلاقة التي تجمع بين الطرفين. الفريق الجديد يريد إعادة خلط الأوراق، وهذا بدأ قبل وقت قليل من الاستحواذ على النادي من قبل مالكيه الجدد، (بدأ) مع رئيسه السابق فنسان لابرون".

أما ألكسندر جاكان، الصحافي المتابع لشؤون النادي لصالح صحيفة "لا بروفانس" المحلية في المدينة، فيعتبر ان المشجعين "باتوا يتمتعون بنفوذ أقل بقليل من الماضي، لكن اللافت ان الحوار بات أقل، وهذا يتعدى بالتأكيد مسألة إدارة الاشتراكات" التي باتت في عهد النادي.

ومنذ عهد الرئيس السابق برنار تابي بين العقدين الثامن والتاسع من القرن الماضي، كانت رابطات المشجعين تقوم ببيع التذاكر السنوية لحضور المباريات على ملعب "فيلودروم" التابع له، وكانت بذلك توفر لنفسها موازنة كافية لانتقال المشجعين لتأييد النادي خارج أرضه.

ويوضح تونيني ان الاجراء "كان عبارة عن نموذج تسويقي مختلف (...) الا ان نادي مرسيليا كان يحصل أيضا على أموال الاشتراكات. في المقابل، كان ثمة أمر استثنائي: نادي أولمبيك مرسيليا ومشجعوه كان يشكلون كيانا واحدا".

في عهد الرئيس باب ضيوف، كان التعاضد قويا أيضا: فعلى سبيل المثال، شارك النادي بتشكيلة من الاحتياطيين في مباراة على ملعب "بارك دي برانس" التابع لنادي باريس سان جرمان، وذلك على خلفية منع المشجعين من دخوله.

ويرى جاكان ان خطوة كهذه "غير ممكنة حاليا (...) ذروة تأثيرهم كانت خلال وجود النادي في الدرجة الثانية (1994-1996)"، مشيرا الى ان "رؤساء سابقين مثل جان-ميشال روسييه وكريستوف بوشيه طردوا عمليا بسبب الضغط من قبل المشجعين".

كان المشجعون أيضا دائمي الحضور لدى تحقيق النادي نتائج سيئة، وكانوا يقبلون على ملعب التمرين التابع له لتحفيزهم.

- لا "حاجة إلينا" -

حاليا، باتت العلاقة متباعدة أكثر، كما ان الحوار بات شبه منعدم.

ويشير ليسترلان الى "عدم وجود مرجع بالنسبة الى المشجعين حاليا، كما كان الحال سابقا مع غي كازادامون"، المسؤول الأمني السابق لمرسيليا الذي همش خلال عهد لابرون، وأقصي تماما مع الرئيس الحالي للنادي جاك-هنري إيرود.

بدلا من كازادامون، اختار إيرود تييري ألديبير، العنصر السابق في القوات الخاصة للدرك الفرنسي، المعروفة باسم "جي إي جي أن".

ويشير تونيني "عندما يتم اختيار عنصر سابق في +جي إي جي أن+ كمسؤول عن الأمن، فهذه رسالة مضمرة" بتشدد النادي مع المشجعين.

الا ان هذه العلاقة المضطربة مع المشجعين قد تنعكس سلبا على النادي، بحسب ليسترلان الذي يرى ان المشجعين "هم مفتاح العلامة التجارية لنادي مرسيليا، يمثلون ثقلا اقتصاديا".

يضيف "إيرود يتحدث كثيرا عن +تجربة التشجيع+، وهذه يصعب تسويقها من دون من يحرك الأجواء في الملعب"، في إشارة الى المشجعين، موضحا ان "النادي سيكون الخاسر على المدى البعيد".

لا يخفي تونيني خيبة أمله من العلاقة بين الادارة والمشجعين.

ويقول "لدي انطباع انه لم يعد ثمة حاجة إلينا (...) كنا عبئا ضروريا، لكننا بتنا أشبه بفيروس. المطلوب منا ان نأتي وألا نفتح أفواهنا، الا ان هذا أمر لا يمكننا القيام به. مرسيليا هو مرسيليا. الشغف الذي ننميه، بطريقة ذكية، نحاول ألا نخضعه للهيمنة".

وردا على سؤال عما اذا كان الوضع أفضل، يجب تونيني بحدة "نادي مرسيليا كان أفضل سابقا! (...) امنحونا فريقا يتفوق على خصومه، وسترون (ما سيكون عليه ملعب) فيلودروم...".