سيكون استاد محمد بن زايد في العاصمة الاماراتية أبوظبي الاثنين، مسرحا لأول اختراق منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية الخليجية المستمرة منذ حزيران/يونيو الماضي، عندما يستضيف الجزيرة الاماراتي الغرافة القطري في دور المجموعات لدوري أبطال آسيا في كرة القدم.

واندلعت الأزمة في الخامس من حزيران/يونيو 2017، عندما أعلنت الرياض وأبوظبي والمنامة قطع علاقاتها مع الدوحة على خلفية اتهامها بدعم "الارهاب"، وهو ما تنفيه الأخيرة. وستكون مباراة الاثنين، أول مناسبة يقوم فيها فريق من أحد طرفي الأزمة، باللعب على أرض طرف آخر.

ويقول جيمس دورسي، الباحث في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة والمتخصص بشؤون كرة القدم والسياسة في الشرق الأوسط، ان المباراة "هي الاختراق الأول والوحيد للمقاطعة الدبلوماسية والسياسية لقطر منذ حزيران/يونيو الماضي".

وشملت عملية قطع العلاقات، وقف الرحلات الجوية بين الدوحة والعواصم الخليجية الثلاث. وقامت الأخيرة بمنع مواطنيها من السفر الى قطر، ومنعتها من استخدام المجال الجوي أو موانىء الدول الثلاث. كما أقفلت السعودية حدودها المشتركة مع قطر، وأغلقت بوجهها منفذها البري الوحيد.

واعتبرت الدوحة ان هذه الاجراءات "حصار" مفروض عليها من جيرانها.

ويعتبر استاذ مأسسة الرياضة في جامعة سالفورد البريطانية سايمون شادويك، ان مباراة الاثنين "لن تكون مجرد مباراة في كرة القدم، بل ستكون حلقة جيوسياسية".

يضيف الأكاديمي الذي يتعاون مع حلقات بحث رياضية مرتبطة بقطر، ان المباريات "بين أندية من قطر، السعودية والامارات يجب ان تلعب وفق نظام الذهاب والاياب في 2018، بحسب قواعد الاتحاد الآسيوي" للعبة.

وطلبت السعودية والامارات من الاتحاد القاري إقامة المباريات ضد الاندية القطرية على ملاعب محايدة، وصولا الى حد التلويح بالانسحاب من أبرز مسابقة آسيوية للأندية، في حال رفض الاتحاد هذا الطلب.

الا ان الأخير أصر على إقامة المباريات وفق نظام الذهاب والاياب، وعدم إقامتها على ملاعب محايدة، كما هو حال مباريات الأندية السعودية والايرانية، التي أقيمت العام الماضي - وستقام هذا العام - على أرض محايدة في سلطنة عمان، نظرا لقطع العلاقات بين الرياض وطهران منذ مطلع العام 2016.

وعلى رغم رفض الاتحاد الآسيوي مطلب الملاعب المحايدة في حالة السعودية والامارات وقطر، وافقت الرياض وأبوظبي بتحفظ على المشاركة في دوري الأبطال، على عكس موقفها من كأس الخليج الـ 23. فعندما كان من المقرر ان تقام "خليجي 23" في الدوحة، رفضت السعودية والامارات والبحرين المشاركة فيها اذا ما أقيمت في قطر، ولم توافق على المشاركة سوى بعدما تم نقل البطولة الى الكويت بعد رفع الايقاف الدولي عنها.

- كرة قدم سياسية -

وحولت الأجواء المتشنجة، والتي بلغت حد تبادل أبوظبي والدوحة الاتهامات الشهر الماضي باختراق كل طرف المجال الجوي للآخر، مسابقة كروية سنوية مثل دوري الأبطال، الى محطة سياسية، لاسيما في ظل عدم تمكن الوساطات المتعددة من تحقيق أي اختراق في جدار الأزمة.

وصوتت اللجنة التنفيذية للاتحاد الآسيوي على إقامة المباريات وفق نظام الذهاب والاياب، بعد زيارة وفد منه الدول الثلاث المعنية، وتكليف لجنة مستقلة إعداد "تقييم أمني" حول إقامة المباريات. وكان موضع تحفظ الرياض وأبوظبي على قرار الاتحاد الآسيوي، بحسب ما جاء في بيانين للاتحادين السعودي والاماراتي، هو ان الوفد واللجنة أوصيا بإقامة المباريات على ملاعب محايدة، وهو ما لم تأخذ به اللجنة التنفيذية للاتحاد.

وستكون مباراة الجزيرة والغرافة الاثنين، الأولى ضمن سلسلة من المباريات بين الأندية السعودية والاماراتية من جهة، والقطرية من جهة أخرى.

ففي 13 شباط/فبراير، يستقبل الوصل الاماراتي السد القطري، وفي 20 منه يستقبل العين الاماراتي الريان القطري، وفي الخامس من آذار/مارس، سيكون الأهلي السعودي ضيف الغرافة في الدوحة.

وكان الأهلي السعودي قد اتخذ في أعقاب قطع العلاقات الدبلوماسية، قرارا بفسخ عقده الرعائي مع الخطوط الجوية القطرية.

- مشجعون "غير مسرورين" - 

ويرى دورسي ان شعبية كرة القدم في الخليج، قد تكون من الاسباب التي دفعت السعودية والامارات الى المشاركة في المسابقة الآسيوية، على رغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.

ويوضح "كرة القدم هي الرياضة الشعبية الأولى في المنطقة (...) لو قال السعوديون والاماراتيون انهم لن يلعبوا، لكان ثمة العديد من المشجعين غير المسرورين".

وطرحت الأزمة الخليجية منذ البداية أسئلة حول تأثيرها على استضافة قطر لكأس العالم في كرة القدم 2022، لاسيما في ظل الضغوط الاقتصادية على الدوحة التي أكدت عدم تأثر استعداداتها للاستضافة بالأزمة.

وفي ظل التقارب التي أدت اليه دورة الألعاب الأولمبية 2018 في بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، تطرح علامات استفهام عما اذا كانت كرة القدم قادرة على القيام بأمر مماثل في الخليج.

الا ان الخبراء يدعون الى عدم الافراط في البناء على ذلك.

فبحسب دورسي، القدرة الرياضية على ردم الهوة السياسية لم تكن دائما موضع نجاح، مضيفا "لا أرى أي إشارة على تراجع أي طرف أو الخروج من الأزمة الدبلوماسية الراهنة".