تشكل نهائيات كأس العالم لكرة القدم فرصة مهمة للدولة المضيفة كي تلمّع صورتها على الصعيد الدولي، لكن التوتر الذي يسود علاقات روسيا مع الغرب يؤكد صعوبة استفادة موسكو من المونديال هذا العام.

وبعد تسميم جاسوس روسي سابق بغاز أعصاب في احد شوارع انكلترا، تفكر بريطانيا في سحب مسؤوليها من النهائيات المقررة في حزيران/يونيو وتموز/يوليو إذا ما ثبُت تورط موسكو في تسميمه.

واشتكت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية من ان الدول الغربية ستبدو بمشاركتها وكأنها تقدم لروسيا "اقرارا بالقبول" وعودة الأمور إلى طبيعتها.

لكن بالنسبة لسايمون شادويك، البروفسور المتخصص بالكتابة عن الرياضة والعلوم الجيوسياسية في جامعة سالفورد قرب مانشستر، فإن كأس العالم يتعلق بتعزيز صورة الرئيس فلاديمير بوتين في الداخل أكثر منها في الخارج.

وقال إن المونديال "تتعلق بعرض صورة لروسيا قوية جدا" تماما كما استخدم الكرملين العاب سوتشي الاولمبية الشتوية عام 2014 لتعزيز شعور الروس بأمتهم كقوة دولية متنامية.

لكن بالنسبة للعلاقات مع الغرب فإن ماتيو بولوغ، الباحث الزميل في مركز شاتام هاوس للأبحاث، قد تنبأ بأن تحقق نهائيات كأس العالم "مكاسب محدودة جدا".

وبعيدا عن الملاعب فيما يلي خمسة مصادر للتوتر الدولي مع روسيا:

- تسميم جاسوس -

لا يزال الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في حالة حرجة بعد تعرضهما للتسميم في مدينة سالزبري بجنوب غرب انكلترا الاحد الماضي.

نفت روسيا ضلوعها في الهجوم لكن محاولة القتل اثارت غضبا في بريطانيا التي حملت موسكو مسؤولية اغتيال جاسوس آخر هو الكسندر ليتفيننكو في لندن عام 2006، بكوب شاي اتهمت بدس فيه مادة مشعة.

وتفكر بريطانيا بكيفية الرد إذا ما ثبتت مسؤولية روسيا، ويشمل ذلك مقاطعة محتملة لكأس العالم بحسب اقتراح وزير الخارجية بوريس جونسون الثلاثاء.

وسارع المسؤولون إلى التوضيح بأن ذلك سيشمل فقط مسؤولين وشخصيات تحضر النهائيات -- وليس المنتخب الانكليزي.

- سوريا -

تسبب الدعم الروسي للرئيس السوري بشار الاسد بخلاف بين الكرملين ودول الغرب الداعمة لفصائل معارضة في الحرب الوحشية المستمرة منذ 2011.

لكن الموقف الروسي المتزايد قوة في النزاع، يقوض محادثات سلام مدعومة من الأمم المتحدة في جنيف فيما تمثل عملية آستانا المدعومة من روسيا مصدر قلق متزايد في الغرب.

وقال بولوغ "هناك فهم واضح في الغرب بأنه لن يكون هناك سلام في سوريا دون ان يكون لروسيا دور محوري فيه".

وقال جوناثان ايال، المدير الدولي في مركز الابحاث "معهد الخدمات المكلة المتحدة" (آر يو إس آي) إن موسكو تستخدم ايضا دعمها القوي للاسد لتثبت لدول محتملة إن المساعدة التي تقدمها عملية. وقال "إن تشبثت بروسيا الام، تتشبث روسيا الام بك".

- هجمات الكترونية -

منذ بروز اتهامات اميركية بتدخل روسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016، حذر عدد من الحكومات الغربية من محاولات روسية للتدخل في شؤونها الداخلية.

وبرزت تقارير عن "مصانع تصيّد" تنشر اخبارا كاذبة على الانترنت للتأثير على ناخبين، مثيرة المخاوف من الولايات المتحدة إلى فرنسا وبريطانيا وكاتالونيا.

ونفت موسكو مرارا الاتهامات بالتدخل في الانتخابات، لكن محللين يعتبرون إن نشاطاتها الالكترونية هي جزء من جهود لإضعاف الغرب.

وقال بولوغ "هناك في روسيا مقاربة منهجية تسعى لزعزعة الغرب من الداخل".

- أوكرانيا -

ضمت روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014 بعد انتفاضة شعبية موالية لروسيا اطاحة بالرئيس الأوكراني المدعوم من الكرملين.

ومنذ ذلك الحين قتل أكثر من عشرة آلاف شخص في الحرب بشرق أوكرانيا بين القوات الحكومية والمتمردين المدعومين من روسيا.

وقال شادويك إن ضم القرم جاء عقب العاب سوتشي، التي اصبحت في الداخل "شبه رمز لصعود روسيا لتصبح قوة عالمية من جديد".

وفيما يمكن لاستضافة كأس العالم أن تكسبه بعض الاصدقاء في الخارج، يمكن لبوتين استخدام الحدث الرياضي لتحقيق ضربة علاقات عامة مماثلة في الداخل هذا الصيف، بحسب شادويك.

- المنشطات -

يأتي كأس العالم بعد اشهر من الجدل على خلفية قضية تناول عدد من الرياضيين والرياضيات الروس منشطات.

ومنع هؤلاء الرياضيون من المشاركة في الالعاب الأولمبية وسط فضيحة نظام ممنهج لتناول منشطات برعاية الدولة الروسية خصوصا في ألعاب سوتشي الشتوية عام 2014.

لكن سمح لوفد يضم 168 رياضيا روسيا بالمشاركة في العاب بيونغ تشانغ الأولمبية الشتوية التي اختتمت مؤخرا تحت علم محايد (العلم الأولمبي)، فيما رفعت اللجنة الاولمبية الدولية الحظر عن اللجنة الأولمبية الروسية الشهر الماضي عقب نهاية الألعاب.

وقال شادويك إن فضيحة المنشطات كانت كبيرة إلى حد أنها حجبت الانتقادات لاستضافة روسيا لكأس العالم.

واضاف "بالمقارنة مع قطر، تحصل روسيا على استضافة سهلة نسبيا" في إشارة للانتقادات للدولة المضيفة لكأس العالم في 2022.

واضاف "يبدو كأن فضحية المنشطات صرفت الانتباه عن أي إجراءات تدقيق في كأس العالم".