باتت كأس العالم لكرة القدم في روسيا بطولة القلق بالنسبة الى المشجعين الارجنتينيين: الثلاثاء في بوينس ايرس، انتقلوا من السعادة الى الكآبة، قبل ان ينقذ ماركوس روخو بلدا بأكمله.

سجل روخو هدف الفوز على نيجيريا 2-1 قبل أربع دقائق من نهاية الوقت الأصلي للمباراة، ليمنح منتخب الارجنتين بطاقة العبور الى الدور ثمن النهائي. وكان ليونيل ميسي افتتح التسجيل في الدقيقة 14 بأول هدف له في المونديال، ثم عادل فيكتور موزيس لنيجيريا من ركلة جزاء بعد ست دقائق على انطلاق الشوط الثاني.

كان التأهل الى الدور المقبل لمواجهة فرنسا السبت، مهمة شاقة.

ويقول خوان مانويل كاسيريس (68 عاما) الذي لف العلم الارجنتيني على كتفيه وجاء لحضور المباراة في منطقة مخصصة للمشجعين في العاصمة بوينوس ايريس "عانيت كثيرا، كان الامر رهيبا على الاعصاب. ما هذه السعادة برؤيتهم يفوزون. الآن سنحتفل مع العائلة".

أما الموظفة نويليا فرنانديز (32 عاما) التي لم تحد عيناها عن الشاشة العملاقة بانتظار الصافرة النهائية، فتضيف "لا شيء يضيع، واحيانا كرة القدم تمنحك لحظات من الحزن، ثم من الفرح. هكذا هي الامور".

تتابع "أنا مرتاحة ومتفائلة لبقية المشوار".

في ساحة سان مارتن الواقعة يقع بين مبان لوزارات وسفارات في حي فخم في بوينس ايرس، يختلط موظفو المكاتب في فترة الاستراحة مع سكان "فيلا 31"، وهي حي فقير يقع على بعد كيلومتر، في منطقة قريبة من الميناء.

- "ميسي، أنا اعشقك" -

 عندما افتتح ميسي التسجيل، ارتفعت مئات الايادي، واحتفل الحشد بالهدف بالغناء لدقائق. "رقم 10 هنا" ، صاح كارلوس دي مارتينو (18 عاما) لاعب كرة القدم الهاوي، في إشارة الى ابن بلده الذي اختير أفضل لاعب في العالم خمس مرات. يضيف "ميسي، أنا أعشقك، أنت رجل عظيم".

قال معلق القناة الأرجنتينية الناقلة للمباراة "ميسي، أملنا الابدي. لا نتوقف أبدا عن الثقة بك"، بعدما صرخ فرحا "غول (هدف)، غول، غوووول من ميسي".

أعلام، قبعات، قمصان بالابيض والازرق، أغان ودموع... الجو في بوينس ايرس كان مختلفا عما كان عليه في مدرجات ملعب سان بطرسبورغ، المدينة الروسية التي استضافت مباراة الجولة الأخيرة للمجموعة الخامسة.

يعلق الطاهي ايمانويل رودريغيز (26 عاما) "هذا الهدف الكبير لميسي، لقد نقشته في قلبي. هو من أهم الاهداف في مسيرته. هو دائما هنا عندما نتوقع ذلك".

انتظر الأرجنتينيون ميسي طويلا في هذا المونديال. في المباراة الأولى ضد ايسلندا (1-1)، أضاع ركلة جزاء كانت لتمنح بلاده التقدم وربما الفوز. في الثانية ضد كرواتيا، كان شبه غائب في الخسارة القاسية صفر-3.

في المباراة الحاسمة ضد نيجيريا، بعد هدفه الأول، كان التفاؤل سيد الموقف. تبدل الأمر مطلع الشوط الثاني: حصلت نيجيريا على ركلة جزاء، وهو ما قابله المشجعون في بوينوس ايريس بصافرات الاستهجان.

صاحت ريناتا بيلغرانو (26 عاما) بصوت عال "نووو (كلا!)"، وهي التي جاءت لحضور المباراة مع أصدقائها. 

لم تنفع محاولات المشجعين تحفيز الحارس فرانكو أرماني من بعيد. كانوا يصيحون "فرانكو، فرانكو" أملا في ان يتمكن من التصدي لركلة الجزاء. ارتمى الحارس في الاتجاه المعاكس للتسديدة، عادلت نيجيريا، وساد صمت طويل وثقيل في ساحة سان مارتن.

- بركة روخو - 

عاش الارجنتينيون الحزن لنحو 40 دقيقة قبل ان يأتي الفرج عبر هدف روخو بتسديدة قوية بيمناه. اعتادت التشكيلة الحالية لمنتخب الارجنتين المعاناة. تأهل "البيسيليستي" الى كأس العالم بصعوبة كبيرة وفي المباراة الاخيرة من التصفيات بفضل ثلاثية لميسي ضد الاكوادور (3-1).

ويتطلع ايمانويل رودريغيز الآن الى مباراة السبت ضد فرنسا في الدور ثمن النهائي، ويقول "سيكون الوضع الان افضل لنا في هذا المونديال. ميسي هو افضل لاعب على هذا الكوكب".

يتابع "لكن الأهم ليس كرة القدم، بل حل المشاكل الاقتصادية للبلاد"، مشيرا الى التضخم الذي تجاوز 25 بالمئة، والتباطؤ في ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية. 

خوليو توماريو (38 عاما) حضر مع زوجته وأولاده لمتابعة المباراة.

بعد المباراة، بدا الارتياح على محياه. يقول "آمنت دائما بالتأهل" على رغم الصعوبات في الجولتين السابقتين. يضيف "نحن في ثمن النهائي، كم كان ذلك صعبا! بهدفه، أسكت ميسي منتقديه، أما هدف روخو، فهو نعمة".