الفتوى الاخيرة التي أصدرها المرشد الايراني بخصوص عدم جواز الاحتفال بيوم (الاربعاء الاحمر)، أي آخر يوم أربعاء في السنة الايرانية، سلطت الاضواء بقوة على الاوضاع البالغة الخطورة التي يعيشها هذا النظام و التي وصلت الى مرحلة بإمکاننا وصفها بالحاسمة. فتوى الخامنئي، التي جائت متزامنة نوعا ما مع ذلك الموقف المتشنج و الحذر للنظام الايراني نفسه من الاحتفال بذکرى الثورة الايرانية وقبلها الاحتفال بذکرى يوم عاشوراء، أکدت للمراقبين السياسيين و دوائر القرار بأن النظام الديني المتشدد في طهران لم يعد بمقدوره إطلاقا إخفاء حالة الضعف و الترنح التي يشهدها في مختلف مفاصله والتي تؤکد و بصورة جلية ان النظام قد حزم أمره تماما مع تلك الاوضاع و اسدل الستار الى إشعار آخر على ذلك الوجه (البرئ) و(السمح) له و أظهر و بجلاء وجهه الحقيقي من خلال إستعراض القوة البوليسية و الامنية القمعية له بوجه الجماهير الرافضة له.

ولئن کان النظام الايراني المتخفي تحت برقع الدين وطوال السنوات المنصرمة لم يتعرض لهکذا مناسبات عزيزة على نفس و قلب و ضمير الشعب الايراني، لکنه فجأة و تحت طائلة الضغوط الشديدة غير العادية التي بات يتعرض لها و التي وصلت الى حد التعرض علنا لشخص الولي الفقيه(جوهر و اساس النظام القائم)، وجد نفسه مضطرا لإظهار خلفيته الشمولية الاستبدادية القمعية على حقيقتها و إنه مستعد للتنکر لأبسط المبادئ و القيم التي ينادي بها من أجل بقائه في السلطة، حيث ان النظام قد ضرب بعرض الحائط بثلاث مناسبات بالغة الاهمية في التأريخ الايراني القديم و الحديث و المعاصر حينما صادر الاحتفال بذکرى عاشوراء و بالثورة الايرانية و اخيرا وليس آخرا الاحتفال بيوم الاربعاء الاحمر الذي يدرك کل إيراني خصوصيته و أهميته في أعماق و جدان الامة الايرانية.

ان هذا الموقف القمعي الاستبدادي من الشعب الايراني و مناسباته المختلفة، يجب أن يکون نبراسا للمجتمع الدولي بشکل عام و للمنطقة بشکل خاص من أن نظام ولاية الفقيه(کأي نظام إستبدادي شمولي) لن يتردد إطلاقا عن اللجوء لأسوأ و أردأ الاساليب و الطرق من أجل إحتفاظه بالسلطة وانه في الوقت الذي يلجأ ضد أبناء شعبه العزل الى هکذا اساليب دموية إرهابية مغالية في القسوة، فإنه لن يتردد أيضا و على وجه الاطلاق من اللجوء الى أية وسيلة(مهما کانت درجة خساستها و ضعتها)لإستخدامها ضد من يسميهم أعدائه الخارجيين من المجتمع الدولي و دول المنطقة. ومن هنا، فإن المجتمع الدولي و دول المنطقة بشکل خاص، مدعوتان لکي تؤديا دورهما التأريخي في هذا المفترق الحساس من عمر هذا النظام الداعم للعنف و الارهاب، وهو دور لايعني بالمرة إرسال الاساطيل و حشد الفيالق العسکرية ضده وانما يتجلى بدعم و مساندة الشعب الايراني و قواه الخيرة المتصدية لهذا النظام الدکتاتوري الذي يهدد السلم و الاستقرار و الامن على مختلف الاصعدة وعلى العالم برمته أن لاينخدع مجددا بالدعاوي والاراجيف المضللة و الکاذبة للنظام التي تصور قوته و بأسه و شکيمته فهو قد صار کسفينة مثقوبة من عدة جهات وفي وسط يم عاتي و عواصف هوجاء وانه لاسبيل لوصول هذه السفينة الى بر الامان إلا من خلال الرضوخ لمطالب الشعب الايراني والتي تصر و بقوة على إسقاط هذا النظام و الى الابد من الواجهة السياسية في إيران وهو قدر بات يلاحق النظام ليل نهار.