طرح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ برنامج التمكين ضمن خطاب سموه بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني الرابع والثلاثين، وفي خلال ذلك العقد الماضي منذ تدشين هذه الحقبة والمرحلة التاريخية من عمر دولة الاتحاد شهد وطننا العديد من الانجازات التنموية والقفزات النوعية، التي تصب في مجملها في خانة ضمان أقصى مستويات الرفاه الانساني للمواطن الاماراتي.
فلسفة الحكم في دولة الامارات العربية المتحدة بسيطة ومعقدة في آن واحد معاً، وبساطتها تكمن في كونها تتمحور حول المواطن، وتعقيدها يتمثل في هذا التشعب الفريد في ملفات العمل والانجاز من أجل بلوغ الهدف الأساسين وتحقيق السعادة للمواطنين وتوفير الحياة الكريمة لهم في مختلف المجالات؛ والمسألة في هذا الإطار لا تقاس بالكلمات بل بالارقام والاحصاءات، فالميزانية الاتحادية للدولة للعام المالي المقبل (2016) قد أولت القطاعات ذات الصلة بالخدمات الحكومية للمواطنين النصيب الأكبر، ولذا نلحظ أن التعليم على سبيل المثال قد حصل على مايزيد عن 21% من إجمالي هذه الميزانية، فيما خصص نحو 8% من إجمالي الميزانية الاتحادية للقطاع الصحي، وخصص نحو 16% للخدمات الاجتماعية، الأمر الذي يعكس بجلاء عمق الاهتمام بالاستثمار في الانسان، المورد البشري الأهم في دولة الامارات العربية المتحدة، وتنمية قدراته وتطويرها سواء في التعليم أو الصحة العامة أو الخدمات الاجتماعية؛ فموارد الدولة الاتحادية موجهة مباشرة لإسعاد المواطنين ورفاهيتهم، وهو هدف حيوي ضمن أهداف رؤية الامارات 2021، التي تضع الانسان فوق أي اعتبار وتجعله الهدف والسبيل الرئيسي لكل مشروعات وخطط التنمية الوطنية.
لم تتوقف انجازات مرحلة التمكين التي نحتفل هذه الأيام بعامها العاشر وختام عقدها الأول، بالانجازات والاستثمار في قطاع التنمية البشرية، بل حققت انجازات نوعية في قطاعات أخرى منها السياسي والاقتصادي والصناعي، فعلى المستوى السياسي واصلت دولة الامارات تطوير تجربة المشاركة السياسية على الصعيد البرلماني، حيث أجرت مؤخراً انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، لتؤكد مضيها على درب تطوير تجربة ذاتية تتوافق مع ظروفها المجتمعية والسياسية والتنموية، وهي تجربة جديرة بالتقدير بما تتبناه من معايير مدروسة وخطوات محسوبة تضمن للوطن مصالحه. ولاشك أن الامارات التي استطاعت أن تقدم للعالم نموذجها التنموي الفريد، الذي بات نموذجاً عالمياً يحتذى في التنمية وتوظيف الموارد، جديرة بأن تقدم أيضاً نموذجها في المشاركة السياسية التي تتناسب مع ظروفها وبيئتها المحلية وقيمها الثقافية والمجتمعية. ولاشك أن إجراء هذه الانتخابات وسط الظروف الاقليمية الراهنة إنما يعكس في المقام الأول قناعة القيادة الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ بتنفيذ أجندة مرحلة التمكين التي وعد بها شعبه في شقها السياسي، من أجل أن تمضي قطاعات التنمية كافة في مسارات متوازية يدعم بعضها بعضا، وتتكامل فيما بينها وصولاً إلى النموذج التنموي الشامل الذي نسعى إليه جميعاً في إمارات 2021، وقد أكد على ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة& حين قال إن "قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حريصة على توفير كل ما من شأنه تعميق المشاركة الشعبية، ومنح دور متنامٍ وفعال للمجلس الوطني الاتحادي للوصول بخطوات واثقة لما نطمح إليه من خلال برنامج التمكين وتحقيق المصالح الوطنية للدولة داخلياً وخارجياً".
ولاشك أن المؤشرات الرقمية هي أصدق تعبير عن التقدم الذي تحققه دولتنا الفتية في يومها الوطني الرابع والأربعين، فالأرقام لا تكذب كما يقولون، وهي أصدق من كافة الكلمات والتعبيرات اللغوية مهما ارتقت في فصاحتها وتعمقت في بلاغتها،& ومن ذلك أن دولة الإمارات العربية المتحدة احتلت الأولى عربياً وخليجياً في التقرير الدولي الخاص بمؤشر السعادة للعام 2015، كما حصلت على المرتبة الـ 20 عالمياً بين الدول الأكثر سعادة في العالم، وهذا التقرير ليس تقريراً دعائياً أو ترويجياً بل بات يحتل مكانة حيوية ضمن معايير الاستثمار والأداء الحكومي الرشيد كونه يصدر تحت إشراف الأمم المتحدة، كما تصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية في "مقياس الرخاء العالمي" لعام 2015، والصادر عن "معهد ليجاتوم" البريطاني، وللعام الثامن على التوالي، الأمر الذي يعكس تميز النموذج التنموي الاماراتي وفقاً للمعايير العالمية والدولية، لاسيما أن هذا التقرير قد أشار تحديداً إلى أن دولة الامارات هي الأولى عربياً في مؤشرات فرعية مثل "محور الأمن والأمان"، و"مؤشر الحريات الشخصية"، وهو أمر يعكسه الواقع ويؤكده ويعكس مستوى تطور التجربة الاتحادية في عامها الربع والأربعين، التي جعلت من دولة الامارات نقطة جذب للعرب والأجانب من كل صوب وحدب، حيث احتلت الامارات - للعام الرابع على التوالي – المركز الأول على قائمة الدول المفضلة للشباب العربي للعيش والإقامة، والنموذج الذي يرغبون في أن تحذو بلدانهم حذوه في مجال التنمية والتطور، بحسب ما أفاد استطلاع "أصداء بيرسون – مارستيلر" السنوي السابع لرأي الشباب العربي" لعام 2015، ويكفي أن هذا الاستطلاع قد كشف عن أن نحو 20% من الشباب العربي يرغبون في العيش بدولة الامارات العربية المتحدة، ما يعني زيف أي ادعاءات يحاول بعض الحاقدين والطائفيين ترديدها.
في اليوم الوطني الرابع والأربعين تمضي مسيرة التمكين على درب التميز والنجاح وتثبت قيادتنا الرشيدة حرصها البالغ عن توفير مقومات الحياة الكريمة كافة لشعب الامارات الذي يثبت هو الآخر يوما بعد آخر ولائه وانتمائه الشديد لقيادته وأرضه الطيبة.
&