جماعات الإرهاب باتت محركا رئيسا للأحداث في ليبيا، إلى متى يستمر هذا المشهد المأساوي؟ لا أحد يدري. لكن المؤكد أن هذا الأمر أسفر عن وجود حكومة فاقدة الشرعية في طرابلس تتقوى بهذه الميلشيات، وتتلقى دعم جهات دولية واقليمية في السر، وتجاهر حكومة طرابلس وهي الذراع السياسية لميلشيات فجر ليبيا ويرأسها "عمر الحاسي" تجاهر بعدائها لحكومة طبرق بقيادة "عبد الله الثني" المعترف بها دوليا، بينما أصبحت مناطق واسعة من البلاد مرتعا للتنظيمات الإرهابية أمثال داعش وفجر ليبيا وأنصار الشريعة المدعومة بالمال والسلاح من قوى عالمية واقليمية لنشر الفوضى وتهديد مصر فهل يمكن لمصر أن تقبل وجود هذه الجماعات التي تهدد أمنها القومي؟

تعتقد واشنطن والغرب أن بإمكانهم إقامة نظام حكم فى ليبيا تحت مظلة الأمم المتحدة بعيدا عن ِمصالح مصر الأمنية، الغرب يرغب في أقامة حكومة ليبية مناوئة لمصر، وتمثل تهديدا لحدودها الغربية، وتكون باعثا لاستنزاف قدراتها، ومن هنا عينت المبعوث الاممي "ليوناردينو ليون" للقيام بهذا الدور في مباحثات تارة في جنيف وتارة أخرى في المغرب مع تكثيف الضغوط على أطراف الأزمة الليبية للقبول بالحل الذي تريده واشنطن.

مهمة ملغومة لن يكتب لها النجاح لسبب بسيط وهو ان إقامة حكومة وحدة وطنية في ليبيا قابلة للاستمرار لا يمكن أن يتم بمعزل عن مصر والجوار الجغرافى لليبيا، وأعتقد أن الطريق الصحيح لنجاح مهمة المبعوث الأممي إلى ليبيا هو القضاء على&تنظيم داعش الإرهابي، والميلشيات المتأسلمة المتحالفة معه، آمثال فجر ليبيا وأنصار الشريعة، وكلها ولدت من رحم الإخوان الشياطين التي تصنف جميعها على أنها جماعات إرهابية، وإخراجها من أي معادلة للحل، ورفض حتى مشاركتها في أي حوار وطني، وفضح تعاملها، واستخدامها كأداة من أدوات تنفيذ المؤامرة الصهيو أميركية في المنطقة، إنها قضية أمن قومي مصرى وعربي لا يمكن تجاهله أو غض الطرف عنه.

المملكة المغربية بحسن نية تستضيف مفاوضات الفرقاء الليبيين على أمل التوصل إلى حل والخروج بليبيا من الافق السياسي المسدود، لكن الواقع يقول أن ذلك الامر بعيد المنال فما يحاك ضد هذا البلد النفطي تقشعر له الأبدان، فالملف الأمني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية هي الأولوية للوسيط الأممي، والمغاربة يطمحون في خارطة طريق واضحة تنهي حالة الفوضى الأمنية.

فشل الجولات السابقة من الحوار يؤكد أن الأمم المتحدة بدأت تعرف محدودية اقتراحاتها، كانت أخر جلسات الحوار هذه في مدينة جنيف السويسرية، ولم تسفر عن نتائج ملحوظة، رغم البيانات البليغة التي دونت على الورق مثل إنشاء حكومة وطنية، ووقف اطلاق النار الذي لم يدم طويلا، لذلك فإن المبادرات العربية وعلى رأسها تشكيل قوة ردع عربية هي السبيل الوحيد للقضاء على الإرهاب في ليبيا، وتمكين الحكومة الشرعية من بسط سيطرتها على البلاد.

لا يمكن أن تقبل مصر بسيطرة جماعات الإرهاب على مناطق ومدن كاملة داخل حدود ليبيا وتقيم دولة داخل الدولة، لأن هدف هذه الجماعات تصعيد العدوان ضد مصر، الجماعات التكفيرية وبرعاية قطرية تركية وسلاح أميركي تحاول اختراق الحدود المصرية للقيام بأعمال إرهابية، بعد ان تمكنت من قتل واحد وعشرين من

قوات حرس الحدود في الفرافرة بالوادي الجديد في يوليو الماضي، الهدف جيش مصر، وعقاب المصريين الذين قلبوا الطاولة، وأوقفوا مشروع تدمير المنطقة، بعد أن رفضوا فى ثورة الثلاثين من مايو يونيو حكم عصابة الإخوان، وتخطط جماعات الإرهاب في ليبيا للتقويض سيطرة مصر على حدودها الغربية، وتذبح على ساحل مدينة سرت واحدا وعشرين مصريا من العمال البسطاء بهدف اهانة مصر مهد العروبة والإسلام.

وفي إعتقادي أن مصر لن يهدأ لها بال إلا إذا قضت على الإرهاب في ليبيا، هي مع حكومة ليبية شرعية تحافظ على وحدة الدولة والتراب الليبي، وتكافح الإرهاب، ولا تجعل من ليبيا منطلقا للهجوم على مصر، وقد حان الوقت لتشكيل قوة ردع عربية للقضاء على التنظيمات الإرهابية، في المنطقة، ثم معاونة ليبيا على استكمال مؤسسات الدولة وبناء الجيش والشرطة والقضاء، وذلك ما طرحته مصر الى دول الجوار الجغرافى وهو ما يوجب التحرك فورا.