& &&
أيام عزيزة على النفس تلك التي نعيشها اليوم مع أول أيام شهر رمضان الكريم 2015 ، الروح تهفو إلى هذه الأيام، وترنو اليها من عام إلى عام، لما فيها من سكينة للنفس، واطمئنان للقلب، وراحة للبدن حيث السباق على الطاعات آملا في رضا الخالق سبحانه وتعالى قبل أن ينتهي الأجل .
شهر رمضان فرصة للإنابة إلى الله ، فيه نمتنع عن الحلال في أيام معدودات، ونكبح جماح النفس الارتقاء بها فى مراتب الطاعات، وكف الجوارح والقلوب عن كل ما يغضب الله، فرصة لشحن بطارية الإيمان، وشحذ الهمم بالصيام والقيام وتلاوة القرآن، والانفاق في كل وجوه الخير، من عطف على المساكين، وإسعاد للفقراء، وإدخال الفرحة على اليتامى، ليتبدل الحال من التراخي والتيه إلى حال الطائعين النافعين للمجتمع فيعم الخير على البلاد والعباد.
من دواعي الأسف أن كثيرا من البلاد لا تحسن استقبال هذا الشهر الكريم، فحولت رمضان من موسم للطاعة إلى موسم للمسلسلات والمسابقات والأفلام الهدامة التي تبث قيمة ولا تدعو إلى فضيلة، فينشط شياطين الأنس لجني الأموال في هذا الشهر&& نجد الإعلانات تروج لأعمالهم، وتركز معظم الإعلانات على المطاعم، وكيفية إعداد ما لذ وطاب، فتجد الناس في المولات أو المراكز التجارية يحملون كميات كبيرة من الأطعمة، وكأنهم مقبلون على مجاعة ، وهو ما ينافي الحكمة من الصيام.&&&&&
في شهر رمضان تصفد الشياطين، وتغلق أبواب النار، وتفتح أبواب الجنة، أي أن الخير فى هذا الشهر لا حدود له، يا باغي الخير أقبل ، والشر فيه محدود، يا باغي الشر أقصر، لذا على المسلم أن يجتهد ويغتنم هذا الشهر من أوله، ولا يضيع ثانية إلا ويغتنمها في طاعة وذكر، فمن يدري أنه سيعيش حتى يدرك شهر رمضان المقبل، وليتنافس المتنافسون فى الطاعات، ويعودوا إلى محاسن الأخلاق.
أما وقد أظلنا شهر رمضان المبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر هي ليلة القدر التي نزل فيها القرآن، وقيامها خير من عبادة ألف شهر أي ثلاثة وثمانين عاما& فعلينا أن نحمد الله ونشكره أن مد في أعمارنا لنشهد هذا الشهر، فنزداد قربًا منه، وننهل من بركات السماء، ولنتذكر أن هناك من المسلمين من حُرِم من صيام رمضان بسبب المرض أو الضعف، ومن المسلمين من مات، فلنحمد الله على نعمة الصحة والمقدرة على الصيام والعبادة.
شهر رمضان شهر أوله رحمة، وأوسطه بركة، وأخرة عتق من النار، فلنتوجه إلى الله بتوبة خالصة ، حتى نقبل عليه سبحانه وتعالى ، وقد استبرأنا من كل ذنب مضى، لتسعد قلوبنا ببركات هذا الشهر، ولنعقد النيه على إخلاص العبادة لله، لا نرائى فيها، ولا نسعى لشهرة،& أورضا الناس ولنكثر من من الاستغفار والذكر وقراءة القرآن وإفطار الصائمين، وانفاق الصدقات، ولنبعد عن قول الفحش والغيبة والنميمة والجدل الذي لا طائل منه والتحلي بخلق الصائم، وعلينا كعرب إصلاح ذات البين، والحفاظ على الأوطان، والتصدي للإرهاب والفتنة التي ينفذها خوارج هذا الزمان بتخصيط من قوى الشر في العالم .
وشهر رمضان ليس مجرد امتناع عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بل مناسبة مواتية للإقلاع عن السلوكيات السيئة والفواحش ما ظهر منها ومابطن ، إذا الصيام يتعدى الاحساس المادي بالجوع والعطش إلى الإدراك الروحي لنعم الله وفضله والإحساس المعنوي بآلام الفقراء والمشردين ، والمسلم الحقيقي يبتعد عن الخوض في أعراض الناس ، وكيل الاتهامات واللعنات، ولا يتحدث إلا بالصدق، ولا ينساق وراء الأهواء، فيكذب ويخدع ويخون الأمانة وغيرها من السلوكيات المشينة والتصرفات الدنيئة، وقد جاء في الحديث الشريفعن نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ). أي من صام ولم يترك الكذب والعمل به فلا قيمة لصيامه).
جعلنا الله ممن يستلهمون العبر والدروس من الصيام، فى شهر الصبر ومراقبة النفس، لنحصل على التقوى ويتحقق فينا معنى قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).&