&
في اقل من نصف سنة &اقدمت الحكومة التركية على عدد من الخطوات اجمع المراقبون والمهتمون بالشأن التركي بأنها كانت متعارضة مع مصالح تركيا الاساسية ابتداء من اسقاط الطائرة الروسية وما افرزته من تداعيات اقليمية ودولية سياسية واقتصادية مرورا بإرسال قوة عسكرية غير مؤثرة نهائيا لإسناد موقعها التدريبي في الاراضي العراقية وما نتج عن ذلك من ردود افعال حادة وتأثير سلبي على العلاقات بين البلدين الجاريين وانتهاء بتصعيد الاجراءات العسكرية ضد حزب العمال الكوردستاني واللجوء الى العنف في التصدي للتظاهرات السلمية الكوردية في عدد من المدن والقصبات وسقوط العشرات من الضحايا والجرحى مما زاد في حالة التشنج الاجتماعي وينذر بخطر تحولها الى مواجهة شاملة قد تؤدي الى حرب اهلية طاحنة &كل هذا بدلا من التهدئة والحوار والعودة لعملية السلام التي بدونها وبدون تحقيق السلام الداخلي والوحدة الاختيارية لا يمكن تصور اي تقدم حقيقي في مجال معالجة مشاكل تركيا الامنية والاقتصادية المعروفة&
الخطوات الثلاث التي اقدمت تركيا عليها لا سيما الحرب ضد الشعب الكوردي ادت عمليا الى اضعاف دورها كقوة اقليمية في مسار الاحداث التي تشهدها المنطقة كما اساء الى سمعتها عالميا في مجال حقوق الانسان ولن يجديها الهروب الى الامام خاصة والمنطقة مقبلة على تغييرات جذرية بعد الموت السريري لاتفاقية سايكس بيكو وتفجر الصراع الاقليمي والدولي حول مناطق ومراكز النفوذ سواء بالتدخل المباشر او عن طريق مكونات المنطقة القومية والطائفية والحرب بالوكالة
ان عدم وضوح الرؤية في هذه الخطوات &والمواقف المتباينة والتصريحات المتعارضة الصادرة عن مراكز القرار في انقرة نتيجة سلبية اخرى للتحركات الاخيرة غير المدروسة والتي ادت الى انحسار واضح في الدور التركي الذي استقبل بفتور حتى من قبل حلفائها في النيتو خلال ازمة اسقاط الطائرة الروسية وردة فعل عراقية واسعة وأخيرا تنامي وتوسع الحراك الشعبي والتظاهرات الجماهيرية في اغلب المناطق الكوردية مما يفرض على مراكز القرار في تركيا اعادة النظر في السياسة غير المجدية التي تمارسها حاليا على المستوى الدولي والإقليمي والداخلي&
المفروض فيما اذا ارادت تركيا ان تبقى لاعبا اساسيا في لعبة الامم الجديدة على الساحة الشرق اوسطية ان تعيد بناء علاقات صداقة وتعاون وحسن جوار مع الجار الروسي شمالا ومع ايران الاسلامية واليونان شرقا وغربا ومع العراق الاتحادي جنوبا خاصة مع وجود علاقات متميزة مع اقليم كوردستان العراق الذي في امكانه القيام بدور الوسيط المؤثر لإعادة المياه الى مجاريها بين بغداد وأنقرة والذي ابدى استعداده اكثر من مرة لتحقيق ذلك وأيضا لإعادة احياء عملية السلام في تركيا والتي بدونها وبدون تحقيق السلام الداخلي ووحدة البلاد الاختيارية عبر حل المسألة الكوردية حلا عادلا لا يمكن تصور اي دور مؤثر لأنقرة &لا في معالجة مشاكل تركيا الداخلية ولا في المساهمة الفعالة في سير الاحداث في المنطقة بشكل يضمن مصالح تركيا ومصالح شعوب الشرق الاوسط المتشابكة والمتداخلة &والتي بمجموعها تبحث عن السلام والأمن والاستقرار وتتطلع لمستقبل افضل يحترم حقوق الانسان وحرياته الأساسية
لقد سبق وان جربت الحكومات التركية المتعاقبة الغاء الوجود الكوردي في كوردستان الشمالية دون جدوى والعودة الى تلك السياسات العقيمة والى إرهاب الدولة لن ينتج الا المزيد من الدمار والضحايا ويهدد حقا ببلقنة تركيا المرشحة بقوة لهذا السيناريو فهل تستفيد الحكومة الحالية من عبر التأريخ عسى ولعل.