&
&
لأن قضية الشعب اليمني تحولت إلي ساحة مفتوحة لحرب أهلية راح ضحيتها عدة ألآف وأصيب أضعافهم بأصابات متنوعة واصبح حوالي مليونين من سكانه يانون من التشرد .. ولأن مفاوضات سابقة رعتها الأمم المتحدة فشلت في تحقيق الهدوء والسلام .. ولأن وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذي في 15 ديسمبر الماضي انتهك مرات ومرات ..&
لهذه الأسباب ..&
قوبل ما أعلنه المبعوث الدولي لليمن إسماعيل ولد الشيخ مساء 23 مارس الحالي في نيويورك عن قبول جماعة الحوثنيين تطبيق القرار الدولي رقم 2216 بكل ما جاء فيه ، وكذا بيان مجلس الأمن الذي دعا أطراف الصراع إلي الحد من العنف فوراً والإمتناع عن أي عمل من شأنه أن يؤدي إلي زيادة التوتر ويوقف بالتالي مساعي المحادثات السياسية ..&
بترحيب واسع علي مستوي دول مجلس التعاون الخليجي في المقام الاول ، والدول العربية في المقام الثاني ، رغم التوجسات التى أبداها البعض حيال الخروقات التى من الممكن أن يُقدم عليها الحوثيون وحليفهم علي عبد الله صالح في ضوء مسلسل إنكارهم لما تعهدوا بإحترامه والوفاء به ، وهو كثير ..&
إتفاق الهدنة كما أعلنه المبعوث الدولي يقضي من الناحية النظرية بـ ..&
- تنفيذ كافة بنود القرار 2216 بلا إستثناء .. وقف العمليات القتالية " بكل أنواعها " وإلقاء السلاح في جميع أنحاء البلاد إعتباراً من 10 إبريل القادم تمهيداً للإنسحاب من المدن وتسليم سلاح الميليشيات الثقيلة للدولة ..&
- تطبيق ما إتفق عليه ضمن محددات المبادرة الخليجية وما نتج عنها من مخرجات للحوار الوطني ، عن طريق بدء مباحثات للسلام يوم 18 من نفس الشهر في العاصمة الكويتية بهدف تبادل الرأي حول الترتيبات الأمنية في البلاد والتعاون لدعم مؤسسات الدولة وإنشاء لجنة للتفاوض حول سجناء الطرفين ..&
من هنا حرص بيان مجلس الأمن الدولي علي تفعيل الجانب التطبيقي للإتفاق بدعوة أطرافه للعمل " معاً " لتمهيد الطريق نحو الإنخراط في محادثات سياسية بطريقة مرنة وبناءة دون شروط مسبقة وبحسن نية ، وحثهم " جميعاً " علي الوفاء بإلتزاماتها لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين لها ، وطالبهم بضرورة الإمتثال للقانون الدولي الإنساني لتوفير أكبر قدر من الأمان واإستقرار لحماية المدنيين ..&
كلنا نعرف أن اتفاق الهدنة ومطالب تطبيقه علي الأرض ، تتوزع بين طرفين أساسيين ..&
الأول .. السلطة الشرعية ممثلة في الرئيس اليمني عبد ربه منصور ومؤسسات الدولة وقوات الدعم الأخوي التى يوفرها لهم التحالف العربي بقيادة السعودية ..&
والثاني .. قوات التمرد التى إنقلبت علي الحكومة اليمنية في سبتمبر 2014 ممثلة في ميليشيات الحوثيين والخارجون علي القانون تحت قيادة علي عبد الله صالح الذين يعملون وفق مخطط الإيراني لتقسيم اليمن ..&
الطرف الأول بشقية .. من مصلحته أن يلتزم بإطار إتقاق الهدنة لأنه يري أن عاصفة الحزم التى بدأت منذ عام حققت القدر الأكبر من أهدافها ممثلاً في تغيير التوازنات علي الأرض اليمينة وما ترتب عليه من إعادة العدد الأكبر من المحافظات إلي سلطة البلاد الشرعية ، وفي تعطيل مخطط الإنقلاب المدعوم خارجياً ، لذلك تشير كافة الدلائل أنه – أي هذا الطرف - علي إستعداد لوضع تصوراته حول الحل السياسي لقضية الشعب اليمني موضع التنفيذ بشكل فيه الكثير من المرونة ..&
الطرف الثاني .. تشير ظواهر الأمور إلي انه ليس موحداً ..&
فالحوثيون من مصلحتهم إبداء الإلتزام خاصة بعد أن إستعادوا أكثر من 130 من عسكريوهم الذين كانوا أسري لدي السلطات السعودية مقابل الإفراج عن تسعة من جنودها الذين اختطفوا عبر الحدود تحت جنح الظلام ..&
أما حليفهم علي عبد الله صالح فبدل أن يُبدي إلتزامه سارع إلي تقسيم التظاهر يوم السبت الماضي في داخل صنعاء بينه وبينهم حيث استحوذ علي جنوب العاصمة اليمنية إنطلاقا من ميدان السبعين تحت شعار " مقاومة العدوان ورفض تقسيم اليمن " وترك لهم شمالها ، قاصداً بذلك التذكير بأنه " رقم صعب لا بد أن يأخذ في الإعتبار " ..&
وبرغم ما نقل من تراشق حاد وغير متوقع علي مواقع التواصل الإجتماعي بين أنصار الطرفين بلغ حد مطالبة قيادات بارزة في حزب المؤتمر الشعبي بمقاتلة الحوثيين !! وتحريض عبد الملك الحوثي لإصدار فتوي تهدر دم حليفهم علي عبد الله صالح أو علي الأقل تسمح بوضعه تحت الإقامة الجبرية ومصادرة وسائل اعلامه وأمواله ..&
إلا اننا نجد أنفسنا مضطرين لطرح السؤال التالي ..&
هل يُعد موقف الطرف الحوثي وفق الطرح الذي أشرنا إليه ..&
أ - إنشقاقا بين طرفي الإنقلاب ، يشي بأن التنسيق بينهما إنتهي أمده ؟؟ وأن الحوثيون سيلتزمون بالمشاركة في وقف إطلاق النار وتسليم سلاحهم الثقيل ، من ثم التفاوض حول دور سياسي ومشاركة حكومية في المسقبل القريب ..&
ب - أم توزيع للأدوار ، لحين العثور علي فرصة خلال تداعيات وقائع الأيام القليلة القادمة تُيسر لهما الإنقضاض علي اتفاق الهدنة وإإفشال آخر محاولة للتفاوض بهدف جلب السلام إلي ربوع اليمن جميعها ؟؟ &..&
هناك سيناريو يتنبأ أن يقبل الحوثيون تحت ضغط الحصار العسكري الذي يعيشونه في ظله كنتيجة للهزائم العسكرية التى تعرضت لها قواتهم وما فقدوه بسببها من عتاد عسكري لم يتمكنوا من تعويضه !! وفقدانهم لمساحة واسعة من الأراضي التى كانوا يتحكمون فيها !! وفوق ذلك يقينهم أن حسم تواجدهم في صنعاء – الذي أرجأت السعودية النظر فيه إستجابة لرجوات إنسانية - ليس بالأمر المستحيل .. بالعودة للتمركز في صعدة ومباشرة حراك سياسي يعكس قدراتهم العددية والمذهبية ، بالاضافة إلي نوع من المشاركة في تسيير دفة الحكم في ضوء ما ستسفر عنه مباحثاتهم مع ممثلي السلطة الشرعية والتى ستبدأ في الكويت بعد نحو ثلاث أسابيع ..&
يقابله سيناريو أخر يُذكر بعدم جديتهم وبقدرتهم علي الإلتفاف علي وعودهم السابقة التى جرت اليمن إلي مهالك انسانية ، ويؤكد أن ما يبدونه من تباعد مصطنع عن الحليف الإيراني وخلاف نوعي مع علي عبد الله صالح ما هو إلا فرصة مواتية لإلتقاط الأنفاس والترتيب لمعركة قادمة تتسم بالغدر والخسة في التعامل مع مؤسسات الدولة من ناحية ومع المواطن اليمني العادي من ناحية أخري ..&
أما علي عبد الله صالح فلا يزال يعيش داخل وهم المطالبة بـ " وقف العدوان والتدخل الخارجي ضد الشعب اليمني " وإجترار مقولة أنه يجنح للسلم والسلام وليس للإستسلام ، ومن هذا المنطلق توعد المملكة العربية السعودية والأمم المتحدة إن لم تستجيبا لطلبه بأن يكون طرفا في مفاوضات 18 ابريل " فسيقاوم بكل قوة محاولاتهما شق تحالفه مع الحوثيين " ..&
من المحتمل أن تتخلي طهران عن الحوثيين .. ربما لفشلهم في تحقيق ما خُطط لهم وربما تحت ضغط من قوي أوربية وشرق أوسطية ، لكنها لن تتخذ من علي عبد الله صالح بديلاً كما يتمني هو " تفعيلاً لنموذج بشار الأسد " ..&
كما أن أجندة تفاوض السلطة الشرعية اليمنية معهم ، والتى قال ولد الشيخ انها ستتركز علي بنود مبادرة مجلس التعاون الخليجي ، تفيد ..&
أولاً - أن ما سيتاح لهم في المستقبل القريب من مشاركة في الحكومة ودخول سلمي في نسيج الوحدة السياسية اليمنية سيكون مرضياً لهم في ضوء فشلهم في مد نفوذهم العسكري والمذهبي إلي خارج صعدة ، ولأن تكتيك العودة للقتال قد يكلفهم فقدان ما بقي لهم من قدرات عسكرية ومن مهارات تفاوضية ..&
ثانياً - أنه لا مكان لعلي عبد الله صالح علي هذه الأجندة لعدة أسباب جوهرية ..&
1 – أنه وقع علي وثيقة مرفقة بهذة المبادرة تعلن تنازله عن الرئاسة اليمنية طواعية ، وأنه أشهد عليها الدول أعضاء هذا المجلس بالإضافة إلي القبائل اليمنية ذات الوزن ..&
2 – أن حَمله للسلاح ضد السلطة الشرعية يُعد خيانة للوطن وللشرف العسكري ولمبادئ القبيلة التى يدين بها ..&
3 – أن إصراره علي توجيهه الشكر لحزب الله لما قدمه من دعم مادي له ولقواته يؤكد إستعانته بقوي خارجية لتمكينه من الإستلاء علي السلطة ..&
تحتاج الأيام القادمة من جانب الحوثيين إلي تقديم بيان عملي لحسن نيتهم قبل العاشر من الشهر القادم .. ويحتاج سير المفاوضات في العاصمة الكويتية منهم ومن سلطة البلاد الشرعية إلي مراعاة مصلحة الشعب اليمني وحاجته للسلام والإستقرار بعد هذه الحرب الطاحنة !! وإلي وضع مصلحة البلاد العليا وعروبتها فوق كل إعتبار !! وإلي التأسيس لمرحلة مقبلة تقوم علي تفعيل النسيج الوطنى اليمني الواحد ومنحه الفرصة لكي يكون مُقدماً علي القبلية والعشائرية ومتجاوزاً كل كا يمكن أن تستدعيه من مخلفات الماضي القريب والبعيد ..