&من الواضح ان حسم المعركة مع داعش وتحرير باقي الأراضي التي تحتلها في العراق وسوريا باتت وشيكة، لكن القضاء على داعش كفكر جهادي لايعترف بالحدود لن يكون قريبا، وحتى لو تم القضاء عليها ستخرج نسخة ربما أسوأ منها وأكثر تطرفا ودموية، فداعش بنت شرعية للاسلام السياسي الذي هو المستنقع المفرخ للافكار وخلايا وشبكات الإرهاب.

وفصائل الاسلام السياسي (السنية والشيعية ) لاتختلف مع داعش على الأساليب والهدف، فـ "جماعة الاخوان المسلمين " جعلت إقامة الخلافة، هدفها الذي تسعى من أجله بكل الطرق والوسائل وهي لاتختلف مع داعش على دمويتها واساليبها الوحشية لانها استخدمت أساليب العنف والقتل والتكفير وحاولت تهديم الدول والمجتمعات قبل ظهور داعش بعقود، هي تختلف معها على التوقيتات وتزاحم الأولويات ومن له الحق في إقامة الخلافة وشخص الخليفة ومن يستلم الغنائم فقط. اما فصائل الاسلام السياسي الشيعية لاتختلف مع نظيرتها السنية إلا على التسميات، فالأولى تستبدل كلمة " الخلافة" بـ(الإمامة) و"المرشد " بـ" الولي الفقية"، أي انها تسعى الى ذات الهدف وهو تطبيق الاسلام حسب مفاهيمها وتفسيراتها المتزمتة التي لا تسمح ببقاء اي شخص على الأرض لايعتنق نسختها ومفهومها للدين.

وجميع الحركات الاسلاموية تكفر منظومات الحكم المدنية وتدعوا الى محاربة النظام العالمي وتعد قوانين الأمم المتحدة والمواثيق الدولية و حقوق الانسان والمساواة بين المرأة والرجل، زندقة وارتداد عن حكم الله، وهي تختصر الاسلام بزعيمها وتجعل طاعة قادتها مقدمة على طاعة الله ورسوله وتطبيق تعليمات امير الجماعة أهم من تطبيق تعاليم القران والسنة، ومن جادله أو اختلف معه فهو كافر وزنديق ومرتد يجب قتله.

&وفي عهد الخميني أفتى بعض المعممين من اتباعه بان "الرافض لإمامة الخميني كافر"، وتحت هذه الفتوى قام الخميني بإعدام وإعتقال عشرات المراجع ورجال الدين الشيعة فضلا عن آلاف الناس، ولم يسلم منه حتى أهم شخص في النظام بعده وهو اية الله حسين منتظري الذي وضعه تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته عام 2009، لا لشيء إلا لانه اعترض على المجازر الدموية والإعدامات العشوائية التي كان ينفذها نظام الملالي ضد كل من يعارض ولاية الفقيه، ووصف منتظري عهد الخميني بانه الأكثر دموية في تأريخ ايران كله. وبعده أستغل خلفه الولي الفقيه الحالي خامنئي هذه الفتوى في قتل واعتقال وتكفير كل من يعارضه، ومازل يحتفظ بالكثير من رجال الدين الشيعة في السجون لانهم لايؤمنون بولاية الفقيه ويعتبرونها انحراف عن تعاليم الأسلام والمذهب الشيعي.

ومن يتحدث عن وجود "اسلام سياسي معتدل " عليه ان يعلم ان أفعال الخميني الدموية وأساليبه الداعشية سبقت ظهور (تنظيم داعش) باكثر من 35 عاما، وان العراقيين جربوا الأساليب الداعشية للمليشيات التابعة لـ"الولي الفقيه الايراني" في اعوام "2005-2008"، أي قبل ظهور التنظيم السني المتطرف بأكثر من عقد، كما ان جميع فصائل الاسلام السياسي تدعو الى العودة الى عصر ما قبل الدولة من خلال رفض ومحاربة الدولة الوطنية وتضع مبدأ الولاء لزعيمها ( المرشد، الولي فقيه، الخليفة ) مكان الولاء للوطن وتُقدم المشترك الديني والمذهبي على الهوية الوطنية، وهذه الفصائل بهذا الفكر لاتهدد أمن واستقرار المنطقة فحسب بل تهدد الأمن والاستقرار العالمي.

والعالم عانى من إرهاب الفصائل الشيعية خلال عقد الثمانينات من القرن المنصرم قبل عقود من معاناته من إرهاب الفصائل السنية "داعش والقاعدة "، وكانت الاحزاب الدينية الشيعية العراقية تفتخر على "حزب الله " اللبناني بانها صاحبة أول عملية انتحارية في التأريخ من خلال قيام أحد عناصرها بتفجير إنتحاري لشاحنة مفخخة في السفارة العراقية ببيروت عام 1981 وقيام إنتحاري ثاني بتفجير سيارة مفخخة في مدخل وزارة التخطيط ببغداد عام 1982.&

ويبقى من غير المفهوم، تناقض موقف اميركا فهي تقاتل داعش على الأر ض وبذات الوقت تمول وتدعم حركة الاخوان المسلمين في المنطقة والعالم وتغازل ولاية الفقيه الايرانية وتدعم استمرار سلطة احزابها ومليشياتها في العراق، رغم انها تعرف أكثر من غيرها ان بقاء هذه الايديولوجيات الاسلاموية يعني ان الإرهاب سيستمر وتتوسع قاعدته أكثر في العالم!، وما تفعله واشنطن لايمكن تفسيره إلا عبر نظرية المؤامرة التي تقول ان اميركا لاتريد القضاء على الإرهاب بل تريد السيطرة عليه وتوجيهه بما يتفق مع مصالحها، ومحاربتها لداعش ليس لانها إرهابية بل لانها تمردت على الإرادة الاميركية وخرجت عن سيطرتها.

&

[email protected]

&