يوما بعد يوم يتأكد لنا أن مستقبل العلاقات الاجتماعية في. خطر نتيجة اقتحام الهواتف الذكية والتكنولوجية الرقمية حياتنا اليومية، حتى في المناسبات الموسمية والأعياد السنوية، تشهد العلاقات تراجعا كبيرا، ولم يعد الأفراد يعبؤون بالتجمع واللقاءات الأسرية حتى أصبح الكثيرون يكتفون بإرسال رسائل قصيرة جامدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمحافظة على ما تبقى من العلاقات.

*التكنولوجيا الرقمية ضرورة لابد منها*&

من الصعوبة ماكان أن نتصور كيف يمكن أن تكون حياتنا الراهنة خالية من الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية التي أصبحت جزء لا يتجزء من عالمنا المهني والاجتماعي، في حياة الكبار والصغار، حتى أصبحت حياتنا رقمية، وهمية لأننا نقضي جل وقتنا في العالم الافتراضي، لكن الواقع التكنولوجي الجديد فرض نفسه وفرض علينا ضرورة التكيف معه بوعي وإدراك كيفية استخدامه، فلا يمكن على الإطلاق منع أي أحد من اقتناء الهواتف الذكية التي ترافقنا في كل مكان نذهب إليه، فبريدنا الإلكتروني موصول على الهاتف إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بل حتى بات الهاتف الذكي وسيلة تستخدم في الكثير من الوظائف كالتصوير والترويج وغيرها من الاستخدامات التي لا يمكن الاستغناء عنها نظرا لسرعة المرحلة التي نعيش فيها.

*الإدمان على الهواتف الذكية يتسبب في تراجع العلاقات الاجتماعية*

جلست مؤخرا مع العديد من الشخصيات المتفاوتة في مستوياتها، وطرحت عليها سؤالا عن حياة ما قبل عشر سنوات قبل الآن وحياة الهواتف الذكية، فكانت الأجوبة مثيرة للاهتمام؛ فلا أبالغ اذا قلت أن 90% تحسروا على تلك الأوقات التي كانوا يقضونها مع أهلهم وأصدقائهم في المناسبات وغيرها لتبادل تجارب الحياة ومناقشة تحديات وظروف المعيشة، على عكس هذا الزمن الذي يقضيه الأغلبية وراء شاشات هواتفهم التي لا يستغنون عنها ، وهو نوع من الإدمان الخطير على هذه الأجهزة التي تسيطر على حياتهم وتربطهم بها مباشرة وتسرق منهم أجمل لحظات حياتهم بعيدا عن واقعهم وعالمهم الحقيقي.&

*ترشيد استخدام التكنولوجيا الرقمية سبيل للحفاظ على الترابط الإجتماعي*

علينا أن نعترف بحقيقة ما حققه لنا التطور التكنولوجي الذي مكننا من اختصار المسافات وجعلنا نعيش في قرية واحدة، تصل إلينا المعلومة في غمضة عين، لكن علينا أن نعترف أيضا أننا لم نعرف في يوم من الأيام كيفية استخدام هذه التكنولوجيا التي بدلا أن نكون نحن من يسيطر عليها ويوجهها بالطريقة الصحيحة، كانت هي من يتحكم ويسيطر على مستقبل مستخدميها، ليصل الحد إلى إضعاف العلاقات الإجتماعية وتهديد الروابط الأسرية التي أصبحت تشهد جفاء خطيرا، حتى باتت الكثير من المقالات والكريكاتور تعكس مشهدية هذه الحالة المؤسفة، ما استدعى ضرورة التحرك السريع لمعالجة هذه الظاهرة المخيفة المهددة للروابط الاجتماعية.

إننا بحاجة إلى ترشيد استخدام التكنولوجيا الرقمية للحفاظ على الترابط الإجتماعي، عبر وضع خطط وبرامج هادفة تشجع على ممارسة الحياة الاجتماعية بالجلوس في نواد ثقافية وفكرية وتنظيم جلسات عائلية أسبوعية أو شهرية وتجاهل الهاتف وحضور الندوات المهمة التي تغرس فينا أهمية استثمار حياتنا بالشكل الصحيح في دائرة اجتماعية سليمة.

*إعلامية وكاتبة جزائرية