تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورًا غير تقليدي في عرض أفكار الأحزاب المتنافسة في الانتخابات البريطانية، إذ حلّت محل طرق تقليدية لم تعد فعّالة اليوم.

مروان شلالا من بيروت: ينتخب البريطانيون اليوم مجلس عمومهم، بعد أشهر من الحملات الانتخابية المستعرة، شاركت فيها منصات التواصل الاجتماعي بفاعلية. وقد توجّه الناخبون البريطانيون، وخصوصًا الشباب، في هذه الدورة الانتخابية إلى هذه المنصات لمواكبة أحداث الحملات الانتخابية التي تطلقها الأحزاب المتعددة والتعليق عليها، في ظاهرة وصفتها الجهات الإعلامية المحلّية بـ"الحملة الافتراضية" أو "انتخابات التواصل الاجتماعي".

منصّات وحوارات

بحسب دراسة أجراها مركز أبحاث إيبسوس البريطاني، 71 في المائة من البريطانيين ينظرون إلى مواقع التواصل الاجتماعي كمنصّات تواصل بين المواطن العادي وزعماء الأحزاب المتنافسة، وتمكّنهم من المشاركة الفعلية في النقاش الانتخابي. لكن 15 في المائة من البريطانيين قالوا إنهم يصدّقون الأخبار المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي بالمقارنة بالتغطية الورقية للحملة الانتخابية والحوارات المتلفزة بين زعماء الأحزاب. وعلى الرغم من تداول البريطانيين، وغير البريطانيين، لملايين التغريدات والآراء عبر تويتر وفايسبوك وغيرهما من مواقع التواصل، فإن مختصّين يحذّرون من المبالغة في أهمية العالم الافتراضي وتأثيره على آراء الناخبين ومواقفهم.

وفي هذا الاطار، تنقل "الشرق الأوسط" عن بوبي دوفي، المحاضر في جامعة كينغز كوليدج اللندنية، قوله إن لعامل التواصل الاجتماعي تأثيره المتزايد في الحملات الانتخابية، "وأثبتت أبحاث أجريناها أن التغريدات حول أحداث الحملة وأخبار متعلقة بالشخصيات السياسية البارزة فيها، تجاوزت التغريدات عن أخبار المشاهير في بريطانيا، لكن من الصعب الجزم ما إذا كانت هذه المنصات ستؤثر في أصوات الناخبين، خصوصًا أن بعضهم يرى أنها تقلل من جودة النقاش الانتخابي".

العلامة السياسية التجارية

يتحلى "البوستر" الإعلاني السياسي البريطاني بأهمية كبرى في الترويج الانتخابي، بعدما لعب دورًا مهمًا في نهاية السبعينات مع حملة مارغريت تاتشر وإعلانها الشهير: "العمّال لا يعمل"، بصورته التي تبين& طابورًا طويلًا من العاطلين عن العمل ينتظرون دورهم لولوج مصلحة البطالة. لم يكن هذا البوستر بداية استخدام الإعلانات الترويجية الانتخابية في بريطانيا، إلا أنها شكّلت نقطة فارقة في تاريخ الإعلان السياسي، ومنعطفًا نحو البعد التجاري للاعلانات الانتخابية.

يقول سام ديلاني، كاتب بريطاني مختص في الإعلان السياسي، للصحيفة نفسها: "لا شك في أن السبعينات شهدت اندماجًا ثوريًا بين عالمي التجارة والسياسة. وكان لهذا التطور تأثير إيجابي على السّياسيين آنذاك، إذ أصبحوا يبذلون جهدًا إضافيًا لإيصال رسائلهم للجماهير، وخصوصًا للناخب العادي".

وتحولت الشّراكة بين التجارة والسّياسة سريعًا إلى تسخير الشعارات السّياسية لأهداف تجارية، ما دفع الأحزاب الكبيرة إلى تخصيص ميزانيات خاصة لتمويل حرب الإعلانات التي تستعر قبل كل استحقاق انتخابي. ويردّ غراهام ديكين، الأستاذ المحاضر في جامعة بليموث البريطانية، هذه الظاهرة إلى اتفاق شراكة حزب المحافظين مع شركة "ساتشي وساتشي" الاعلانية التي أنتجت إعلان "العمّال لا يعمل".

ترويج المميزات

يضيف ديلاني: "أعتقد أن الأحزاب السياسية، وخصوصًا حزبي المحافظين والعمّال، أصبحت أقرب ما تكون إلى العلامات التجارية، واستثمارها في الحملات الإعلانية يهدف إلى الترويج لمميزات كل علامة تجارية على حدة وتقوية حضورها وتأثيرها ضمن الناخبين، فإذا درسنا غالبية إعلانات المحافظين مثلًا، نجدها تسعى إلى التأكيد على التزام الحزب الحذر والعقلانية في سياساته الداخلية والخارجية، والقيادة القوية والحكيمة، أما حزب العمّال فيراهن على قربه من الطبقة العاملة، وتشبّثه بمبدأ العدالة الاجتماعية وبرامجه لتقوية النمو الاقتصادي".

ولطالما كانت السخرية سلاح البوستر السياسي، وأبرز مثال لذلك بوستر حزب العمّال الذي نشره في العام 2001، وعليه صورة ويليام هيغ، وزير خارجية بريطانيا السابق، بشعر مارغريت ثاتشر، وتحته: "فلتخافوا، فلتخافوا كثيرًا". ورغم أنه يصعب أن نرجع فوز العمّال في الانتخابات العامة لتلك السنة إلى حملتهم الإعلانية، فإنها ساهمت في نجاحهم بكل تأكيد.
&