باريس: أكد نديم حوري من منظمة هيومن رايتس ووتش في مقابلة مع وكالة فرانس برس بعد عودته من سوريا أن الأكراد لا يريدون محاكمة زوجات الجهاديين الأجانب على أراضيهم، خصوصا الفرنسيات اللواتي يعتبرونهنّ "عبئا" عليهم.

وتمكن مدير برنامج الارهاب ومكافحة الارهاب في المنظمة من الدخول الى مخيم في سوريا تسيطر عليه الفصائل الكردية وتجتمع فيه 400 من زوجات واطفال مقاتلين أجانب ينتمون إلى تنظيم الدولة الاسلامية.

وأوضح حوري "لم تتخذ السلطات المحلية أية اجراءات قضائية بحقهم وليست لديها نية القيام بذلك وهي تريد ترحيل النساء والأطفال الى بلادهم".

وأضاف "يقول الأكراد أنه عانوا بما فيه الكفاية مع الجهاديين الذين قاتلوا على الأرض (...) هؤلاء النساء عبء على الأكراد الذين ليست لديهم نية محاكمتهنّ".

ويدور جدل واسع في فرنسا حول مصير زوجات الجهاديين الفرنسيين الموقوفات في العراق وسوريا.

وتأمل الحكومة الفرنسية أن تتم محاكمتهنّ هناك، إذا كانت "المؤسسات القضائية قادرة على ضمان محاكمة عادلة لهن (...) والحق في الدفاع"، لكن محامين لفتوا الى غياب دولة القانون وطالبوا بنقلهم الى فرنسا لمحاكمتهنّ.

واعتبر حوري أنه "رغم حسن النوايا، الا أن النظام القضائي ليس مناسبا وضعيفا جدا في المناطق الكردية في سوريا". وقال "أنشأ الأكراد محاكم محلية أصدرت أحكاما على 700 جهادي سوري وعراقي على الأقل، لكن قانون مكافحة الارهاب لديهم لا ينصّ على وجود محام ولا اجراءات استئناف. كيف يمكن التحدث في هذه الحالة عن احترام حقوق الدفاع؟"

- مشكلة الأطفال الشائكة - 

تنتشر مئات الخيم في شمال شرق سوريا على بعد أمتار من الحدود العراقية. يضمّ مخيم روج الذي زاره حوري نصف عائلات المقاتلين الأجانب من تنظيم الدولة الاسلامية، وتسيطر عليه الفصائل الكردية.

وقد تم القبض على معظم هذه العائلات بعد طرد تنظيم الدولة الاسلامية من الرقة في تشرين الأول/أكتوبر ودير الزور بعد شهر. وأشار حوري الى وجود على الأقل ثماني نساء ونحو عشرين طفلا حاليا في المخيم.

تختلف قصص هؤلاء النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و30 عاما. فهنّ غادرن أحيانا فرنسا للانضمام الى صفوف الدولة الاسلامية لوحدهنّ أو ذهبن مع أحد أقاربهنّ، الذي غالبا ما كان زوجاً. ولا يتوفر سوى القليل من المعلومات عن هؤلاء الاقرباء والأزواج.

وأوضح حوري الذي التقى سبع نساء فرنسيات أن "بعض (أزواجهنّ) لا يزال يقاتل، بعضهم الآخر قُتل أو اعتقل في سجون بعيدة عن المخيم". جميعهنّ أنجبن طفلا أو أكثر هناك.

تعيش هؤلاء النساء في ظروف مخيم للنازحين في ظل نقص حليب الأطفال والأدوية وانقطاع التيار الكهربائي. لديهن حرية التنقل داخل المخيم لكن لا يحق لهن الخروج منه. وقال "المخيم ليس مؤمناً جيداً لكنه بعيد عن كل شيء. اذا فكرن في الهرب، فإلى أين يذهبن؟"

وبحسب حوري، خضعن لاستجواب الفصائل الكردية وبعضهنّ لاستجواب الاستخبارات الأميركية لكن لم تذكر أي منهنّ أنها التقت محققين فرنسيين.

وأضاف "لديهنّ امكانية التواصل بشكل دوري مع عائلاتهنّ في فرنسا" مشيرا الى أن "لم يلاحظ وجود أي أثر عنف جسدي على الفرنسيات فيما أكدت معتقلات أخريات أنهن تعرضن للضرب خلال استجوابهنّ من قبل السلطات المحلية".

وصدرت بحق الفرنسيات السبع مذكرات توقيف أو جلب في فرنسا التي يطلبن ترحيلهنّ اليها لمحاكمتهنّ.

أما بالنسبة لأطفالهنّ، فالمشكلة شائكة جدا. اذ أكد حوري ان "في مخيم روج ليست هناك أية متابعة نفسية فردية لهؤلاء القاصرين الذين عاشوا الحرب ورأوا من دون شكّ فظائع". وانتقد جمود فرنسا والمجتمع الدولي حيال هذه القضية.

والثلاثاء دعا مدعي عام باريس فرانسوا مولانس، رئيس النيابة المختصة مكافحة الإرهاب، الى توفير رعاية "خاصة" لأطفال الجهاديين حتى لا يتحول بعضهم إلى "قنابل موقوتة".