إيلاف من بيروت: في خطوة مثيرة للجدل، قدم الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق، فتوى بشأن جواز زرع أعضاء الخنزير لإنقاذ حياة الإنسان. جاءت هذه الفتوى خلال برنامجه الرمضاني "نور الدين" على القنوات المصرية.

الخنزير طاهر
وأوضح مفتي مصر السابق أنّ "الخنزير، برغم تصنيفه على أنه حيوان نجس ومحرم أكله في الإسلام، إلا أن الإمام مالك يرى أن كل حي طاهر". ومن هذا المنطلق، أشار جمعة إلى أنه يمكن التوجه نحو زرع أعضاء الخنزير لإنقاذ حياة الإنسان، متبنيًا بذلك رؤية فقهية جديدة. وأضاف "إنقاذ حياة إنسان بجزء من حيوان ونمشي وراء الإمام مالك ويبقى الخنزير طاهر.. لأن كل حي طاهر عنده بخلاف الشافعي وغيره".
وأكد جمعة أن "الحصول على الكلية من الخنزير، إذا كانت تجوز من الناحية الطبية لإنقاذ حياة الإنسان وتحسين حياته، فلا بأس به". وأضاف بأن هذه العملية ليست ظلمًا أو اعتداءً، بل تعتبر ضرورة إنسانية لإنقاذ حياة الإنسان. وختم تفسيره لفتواه قائلاً: "بالنص نعم يجوز هذا".

برنامج خال من الخطوط الحمراء
ويحظى برنامج "نور الدين" بشعبية كبيرة في أوساط الشباب المصري والعربي لتمتعه بالجرأة في طرح المواضيع والإجابة على أسئلة تدور بأذهان فئات عمرية صاعدة. وتطرق جمعة إلى الكثير من الأمور خلال حلقات برنامجه الأمر الذي أعاد إلى الواجهة تساؤلات قديمة - متجددة حول الاجتهاد في الدين وتجديد الخطاب الديني الإسلامي.

يقول مفتي الجمهورية المصرية السابق إن برنامجه يهدف إلى "التحاور مع الأبناء والآباء، مع الشباب والشيوخ، نستمع إلى كل التساؤلات التي تشغل بالهم والتي تؤرقهم، دون خطوط حمراء، ولا وصاية من أحد، حتى نصل معاً إلى نقطة التلاقي" بحسب ما قال خلال مقدمة البرنامج.

إجابات غير متوقعة
وكان من هذه الأسئلة حكم الإسلام في الصداقة بين الجنسين وحكم الحجاب وموقف الإسلام من المرأة والحج الافتراضي، ومصير المنتحر خصوصاً من الصغار. كما له رأي في الحب قبل الزواج وعذاب القبر وغيرها من الأمور. وأثارت إجاباته على أسئلة شائكة جدلاً واسعاً في منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية في مصر ربما لأنها خرجت عن المألوف والمتوقع لدى البعض.

صوت المرأة ليس عورة
وفي إحدى الحلقات، ردا على سؤال طالبة حول لماذا يمنعون بعض الفتيات من الإنشاد الديني بحجة أن صوت المرأة عورة؟ قال جمعة "مين اللي قال إن صوت المرأة عورة، أنتي سمعتي كده؟ لأ صوت المرأة ليس عورة، هي دي الإجابة على سؤالك".

الجنة لغير المسلمين؟
كان من أكثر الموضوعات التي دار جدلٌ كبيرٌ بشأنها، مسألة مصير غير المسلمين خصوصاً أتباع ما يعرف بـ"الديانات الإبراهيمية" الأخرى، وهل يدخلون الجنة أم لا.
المفتي السابق قال رداً على سؤال هل يدخل المسلمون فقط الجنة، قائلا أن هذه "معلومة مغلوطة" وذكر آية قرآنية من سورة البقرة تتحدث عن أتباع ديانات أخرى تشير إلى أن الجنة ليست حكراً على المسلمين، وأن غيرهم من أتباع الأديان الأخرى أيضاً سيدخلون الجنة.

لا حلال أو حرام في الحب
تساؤل آخر طُرح عن مدى مشروعية العلاقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج، وهل الحب حرام أم حلال، ورأي الشرع في الاختلاط والصداقة بين الجنسين. واشترط الدكتور جمعة أن تكون العلاقة عفيفة بلا تلامس، كما رد على سؤال آخر حول الاختلاط وقال إنه "طالما توافرت النية الحسنة فلاختلاط ليس حراماً".
وأضاف "أن بحثاً أجري عن العلاقات والحب بين طلاب الجامعات من عام 1980 وحتى 1986، أظهر أن غالبية الطلاب أحبوا بعضهم في الجامعة، ومن ثم تزوجوا".
وقال: "قيس لما تزوج ليلى طلقها بعد كل هذا الحب والشحتفة والقصائد التي غزلها في حقها". وأضاف ان الحب ليس فيه ما يعرف بالحلال والحرام، لأنه شعور قلبي لا نملكه، لكن قضية الزواج بعد الحب فهذه مسألة أخرى، لكن في مثل هذه الحالة من الحب مطلوب شيء واحد فقط وهو العفاف.
وسئل جمعة عن العلاقة بين الجنسين في سن المراهقة وحكم الشرع في شاب قال لفتاة بحبك فرد قائلا: "لو أبوها عارف يبقى عادي".

الصداقة بين الجنسين
أما عن الصداقة بين الجنسين، فقال جمعة إن الخروج معًا في شلة ليس حرامًا، والبشرية كلها كانت على حد الاختلاط، مضيفا أن الصداقة بين الجنسين مباحة طالما فيها عفاف، وتعريف العفاف أن تكون العلاقة خالية من المحرمات والسرية، وفق وصفه.

الاحتفال بعيد الميلاد
كما أجاب جمعة على سؤال بشأن الاحتفال بالكريسماس، وقال إن "الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة يعني الاحتفال بعيد ميلاد المسيح وهو ميلاد معجزة، والقرآن أقرّ بها، وجعلها عيد محبة وسلام".

إلغاء "النار"
وفي إحدى الحلقات تحدث المفتي السابق عن فكرة إمكانية أن تُلغى "النار" في "يوم القيامة"، كما انتقد فكرة التخويف والوعيد التي تحتل جانباً من الخطاب الديني الإسلامي.
وقال جمعة إن "جماهير المسلمين يعتقدون أن الوعد والوعيد لابد أن يُنَفّذ.. ربنا انبأنا أنه في جنة وفي نار.. طيب ويوم القيامة لو أن الله ألغى النار حنقول (سنقول) له لا؟ ما يلغيها.. ما يدخل كل الناس الجنة .. هو فعال لما يريد وده وارد وعلماء المسلمين الكثير قالوا آه وارد.."

أضاف جمعة أن هناك كتب تتحدث عن "أهوال يوم القيامة" و "عذاب القبر"، لكن الصورة ليست قاتمة تماماً "فيه (هناك) المتحابين على منابر من نور يوم القيامة و7 يظلهم الله في ظله، وأنتم فاكرين (هل تعتقدون) إنه يوم القيامة ليس فيه شفاعة؟ ده فيه (هناك) 70 ألف شفيع وعدد المسلمين فى الأرض 2 مليار بس وشوفوا (انظروا) قوله تعالى ورحمتي وسعت كل شيء".

تجديد الخطاب الديني
وفيما اتفق البعض مع جمعه انتقده آخرون. ويرى البعض سواء في مصر أو حتى في دول عربية أخرى أن ما طرحه الدكتور علي جمعة ليس بالأمر الجديد وأن الكثير من هذه المسائل تداولتها دراسات سابقة، ولكن ربما الجديد في شكل طرح الأسئلة من خلال برنامج يحضره فتيات وأولاد صغار في السن، إلى جانب أن هذه الآراء في أغلبها كانت محل نقاشات بين علماء ومتخصصين ولم تكن تخرج كثيراً للنقاشات العلنية أو على شاشات التلفزيون.

والدكتور علي جمعة هو عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب الحالي، وعضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف. ولد في الثالث من شهر آذار (مارس) عام 1952 وحصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وينتهج المذهب الشافعي.