إيلاف من القاهرة: أطلقوا عليها "قرية الجواسيس" بسبب تاريخهم في التعامل مع اسرائيل، ولكن يظل السؤال.."قرية الجواسيس"؟ هي قرية لا يوجد موقع رسمي لها لدى الدوائر الحكومية الإسرائيلية، ومعظم منازلها من الصفيح ويحيط بها سياج.

تعود أصول عائلاتها إلى سيناء والضفة الغربية وغزة، يعيشون ظروفا مأساوية وفقرا مدقعا.

تسمى بـ"الدهنية"، عائلاتها ممن وسموا بـ"عار" التعامل مع الجيش الإسرائيلي. تقع في المنطقة الفاصلة بين كيبوتس "كيرم شالوم" أو كرم أبو سالم ومدينة رفح.

في مطلع سبعينات القرن الماضي، وبعد تفكيك مستوطنة "ياميت" التي كانت مقامة شمال سيناء في المناطق التي كانت تحتلها إسرائيل، فضلت عائلات من المنطقة ممن تعاملوا مع إسرائيل خلال فترة الاحتلال، البقاء تحت الحماية الإسرائيلية.

نقلت هذه العائلات إلى قطاع غزة حيث عاشوا في تلك القرية، التي اصطلح على تسميتها "قرية الجواسيس"، ليعاد نقلهم من هناك بعد الانسحاب الإسرائيلي في 2005 إلى قرية شمال النقب.

بعد إنشاء السلطة الفلسطينية، خضعت "قرية الجواسيس" لإدارة قسم التنسيق في جيش الاحتلال، وكان غالبية سكانها يعملون في تكتل "غوش قطيف" وداخل أراضي إسرائيل، وذلك وفقاً لتقرير "مونت كارلو الدولية".

الهوية الزرقاء
عشية الانسحاب من غزة، قررت إسرائيل إنهاء قرية "الدهنية"، وسمحت لسكانها ممن يملكون الهوية الزرقاء (تحمل صفة مقيم في إسرائيل) بالدخول إلى أراضيها، أما من كانوا يحملون بطاقات برتقالية (أصولهم من الضفة الغربية أو القطاع) فقررت نقلهم إلى مصر، ما دفع هؤلاء إلى تقديم التماس لدى المحكمة العليا الإسرائيلية التي قررت منحهم صفة مقيم مؤقت، دون أي حق بأي تعويضات عن إخلاء من منازلهم.

أقامت السلطات الإسرائيلية منازل مؤقتة من الصفيح لنحو 40 أسرة من الدهنية في قرية جديدة في النقب عرفت لاحقا باسم "تل عراد"، وكما سابقتها، لم تعترف إسرائيل بها. الخطوة لم تلق ترحيبا من أهالي النقب، الذين، وفقا لسكان القرية "الجديدة"، حرضوا ضدهم وباتوا يعيشون خائفين على حياتهم.

الأب هوية والأم هوية أخرى
يذكر أن الوضع القانوني في قرية الدهنية معقد، ففي حالات كثيرة يحمل الأب الهوية الإسرائيلية، والأم هوية من الضفة، وقسم من الأبناء يحمل هوية إسرائيلية وقسم آخر يحمل هوية الضفة، الصادرة عن الإدارة المدنية الإسرائيلية.

تجدر الإشارة إلى أن السكان العرب في قرية تل عراد غير المعترف بها حكوميا، قد تسلموا حينها أوامر بالإخلاء بحجة أن المنطقة عسكرية والأبنية غير مرخصة، علما أن السكان الأصليين لتل عراد طالبوا السلطات الإسرائيلية منذ عشرات السنوات بالاعتراف بقريتهم. حينها اعتبر عدد من المراقبين أن توطين عائلات "الدهنية" في تل عراد خطوة من أجل فرض أمر واقع ومنع عودة سكانها من عرب الجهالين إلى أراضيهم الأصلية، في حال التوصل لأي حل مع الجانب الفلسطيني.

لاحقا، قرر الجيش الإسرائيلي نقل بعض هؤلاء إلى شمال النقب، إلى منطقة تسميها إسرائيل "حيفل شالوم"، ووضعهم في بقعة جغرافية أيضا دون إطلاق أي اسم عليها، لكن الاسم الأساسي رافق سكان القرية التي باتت تعرف أيضا بـ"الدهنية".