شملان يوسف العيسى

رحلة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لواشنطن مؤخراً خلقت أجواء جديدة في المنطقة مليئة بالتفاؤل، مما قد يؤدي في النهاية إلى استقرار العراق وتحقيق طموحات شعبه للأمن والاستقرار والرخاء والازدهار الاقتصادي. يعود هذا التفاؤل للضغوط الأميركية على القوى السياسية العراقية التي مرّرت قانون الانتخاب في البرلمان العراقي، مما يدل على أن واشنطن لا يزال لديها نفوذ قوي على الساسة العراقيين. ضغوط الرئيس الأميركي ساعدت على إعادة الاهتمام بقوات laquo;الصحوةraquo; التي أهملتها حكومة المالكي، مما أوجد فراغاً أمنياً لما لقوات الصحوة من دور في ردع نفوذ laquo;القاعدةraquo; في العراق.

ومن نتائج الزيارة قرار المالكي زيارة منطقة الأنبار، معقل الاحتجاجات السنّية، للتفاهم حول الخلاف السني ـ الشيعي، خصوصاً أن السنّة يشعرون بأن الحكومة العراقية همّشتهم وأهملت مناطقهم. الولايات المتحدة تطمح لأن ترى عراقاً ديمقراطياً تجمع حكومته كل طوائف المجتمع.

إعلان المالكي عن استعداده لزيارة السعودية لإنهاء الخلافات بين البلدين، مؤشر جيد، خصوصاً أن هناك قضايا وخلافات معلّقة بين البلدين من أهمها الخلاف حول سوريا حيث تدعم السعودية المعارضة السورية، بينما يدعم العراق النظام السوري، رغم تأكيدات العراق أنه محايد في ذلك الصراع.

المالكي أعلن أن بلاده تسعى إلى تحسين العلاقة مع تركيا، حيث سيزور العراق قريباً وزير الخارجية التركي وسيتبادل المالكي مع أردوغان الزيارات لاحقاً.

كل تلك مؤشرات إيجابية، لكنها تحتاج إلى إرادة قوية وتنفيذ وتفعيل وعمل جاد للحد من مخاوف دول الخليج العربية حيال النفوذ الإيراني في العراق. وربما ينجح رئيس الوزراء العراقي في إقناع السنّة في منطقة الأنبار بأنه ينوي تغيير سياسته، لكن هل يستطيع إقناع أعضاء حزبه (الدعوة الإسلامية) المعروف بتأييده ودعمه لإيران بأن من مصلحة الجميع توحيد الجبهة الداخلية؟

هنالك قضايا داخلية تتطلب من المالكي التصدي لها ومعالجتها لكسب تأييد كل العراقيين، ومن أهم هذه القضايا محاربة الإرهاب، والتصدي لقضايا الفساد المنتشر في العراق، وإيجاد وظائف للشباب العراقي الذي يعيش في أجواء البطالة.

استقرار العراق يتطلب وعياً وتحكيماً للضمير من قِبَل الناخب العراقي الذي تقع عليه مسؤولية اختيار الأفضل، أي من لديه الاستعداد لخدمة كل العراقيين بعيداً عن الطائفية والقبلية والرضوخ للمرجعيات الدينية.

نجاح الديمقراطية في العراق يتطلب وعي الشعب وتكاتفه وشعوره بالمسؤولية تجاه وطنه.