&مسعود أحمد

&في أوائل عام 1986، في أعقاب قرار من بعض أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" بتنفيذ زيادة كبيرة في المعروض من النفط، سجل سعر النفط هبوطا حادا من نحو 30 دولارا للبرميل إلى نحو عشرة دولارات للبرميل. ورغم أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ــ موطن ست من أكبر عشرة بلدان مصدرة للنفط في العالم ــ لا تزال تعاني الآثار المعاكسة لتراجع أسعار النفط وتخفيضات الإنتاج السابقة، فواجهت أخيرا حاجة ملحة لتوفيق سياسات موازناتها. وجاء في أعقاب ذلك عقد من الزمن اتسم بصعوبته، فاضطر صناع السياسات للاختيار من بين بدائل صعبة، كان لبعضها، مثل تخفيضات الاستثمارات العامة، أثر في المنطقة على المدى الطويل.&

وبعد 30 عاما تقريبا، ها هي البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وغيرها من المناطق تواجه هبوطا مماثلا في أسعار النفط ــ التي تراجعت من نحو 110 دولارات إلى نحو 30 دولارا للبرميل بسبب تباطؤ النمو العالمي، وزيادة إنتاج أوبك، والصلابة المدهشة لإمدادات النفط الصخري. والأهم من ذلك، أن لا أحد يتوقع عودة أسعار النفط إلى الرقم الثلاثي في المستقبل القريب، ومن ثم يتعين على البلدان المصدرة للنفط التكيف مع الواقع الجديد بدلا من انتظار نهاية هذه الفترة من الأسعار المنخفضة. كانت أسواق العقود المستقبلية، تشير أخيرا إلى بلوغ متوسط سعر النفط نحو 35 دولارا للبرميل في العام الجاري و40 دولارا للبرميل في عام 2017. ومع ما يواجهه عديد من بلدان الشرق الوسط وشمال إفريقيا من صراعات عنيفة وتنام لأزمة اللاجئين، فمن الضروري تحري الاستجابات الصحيحة على مستوى السياسات وتجنب تكرار الأداء الضعيف المشاهد في الثمانينيات.

&وفي العام الماضي، أدى انخفاض أسعار النفط إلى خسارة البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 360 مليار دولار ــ نحو سُدس ناتجها الكلي. ومن المتوقع ازدياد الخسارة هذا العام، مع تكرار هبوط أسعار النفط في نهاية 2015 وأوائل 2016. وحتى الآن، تلجأ البلدان المصدرة للنفط، كخط الدفاع الأول، إلى التعقل في استخدام مدخراتها المالية الضخمة للحد من تأثير انخفاض أسعار النفط على النمو، الأمر الذي يسمح لها بكسب بعض الوقت لصياغة خطط التصحيح. غير أن الوقت يمضي سريعا لأن معظم هذه البلدان لا يستطيع الاستمرار في تحمل عجوزات كبيرة في الموازنة إلى الأبد. فقد سجل نصف البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عجزا كبيرا يتألف من رقمين كنسبة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015، ولا سيما الجزائر والبحرين والعراق وليبيا وعُمان والمملكة العربية السعودية.