سمير عطا الله

تابع الدكتور بولك رسالته عن زيارته إلى المملكة: «اليوم التالي لوصولنا، ذهبنا إلى المتحف الحافل بالآثار القديمة والقائم على أسس بالغة الحداثة. كان يشبه، إلى حد ما، متحف الآثار القديمة في أثينا، والعروض كانت مذهلة حًقا. الأمر مختلف طبًعا عن روائع اليونان، لكن متحف الرياض كان مثيًرا في دلالاته على تطور الحياة في الجزيرة العربية، منذ العصور الأولى، يوم كانت الصحارى أودية خضراء، وآثار ذلك باقية بوضوح في مدائن صالح، التي سنذهب إليها بعد يومين.

«إن الجزيرة متحف وسيع حًقا. فالمواقع الأثرية لا تدل قط على امتداد الزمن من العصر الحجري الحديث إلى العصر النبطي، ومن ثم إلى الجاهلي، بل تدل أيًضا على كيف أن تلك المجتمعات انفتحت على جوارها. والمتحف الوطني مصمم كي يظهر تطور هذه المرحلة الطويلة من التجربة الإنسانية. معروضات تدل على تبادل التجارة مع دول الخليج، وبلاد ما بين النهرين، وحوض النيل 5 آلاف سنة قبل الميلاد. وفي عام 3000 ق.م كانت البهاراتُتستورد من الهند، والنحاس من بلدان المحيط الهندي، وكانت القوافل تحمل المر والبخور شمالاً إلى المشرق ومصر.

«بعد ذلك كان الجزء التالي من رحلتنا نحو الحاضر، توجهنا إلى ما يعرف بمنتدى الإعلام السعودي، حيث يعرض كل صاحب كفاءة مقدراته. والمنتدى، مثل غيره من المبادرات الجديدة في المملكة. جزء من مشاريع مضيفنا، الأمير سلطان. ويشترك الألوف من الشبان في عرض الصور واللوحات التي تمثل مناطقهم والتعارف فيما بينهم.

«صباح اليوم التالي عدنا إلى الجزيرة القديمة. إلى ما بقي من السوق العتيقة. عندما جئت إلى هنا في الخمسينات، كانت الأسواق مليئة بما يحتاجه البدو: الحبال، الحبوب، التمور، القماش، والفروات التي كان يتنقل بها البدوي وينام في ليالي الشتاء القارسة. اليوم طورت الفروة وصقلت ولونت. وأما السوق فهي مليئة بالأشياء المستوردة من الخارج بواسطة التجار الهنود، إضافة طبًعا إلى بعض (الأنتيكات) كالفخار، والسيوف القديمة.

«مطل السوق (البطحاء) صار يختفي خلف المباني الحديثة. لكن تتم المحافظة بحرصفائق على قصر الملك عبد العزيز الحجري. وقد بني القصر في القرن التاسع عشر، ثمُرّقم وُحِّدث وظلُيسكن بصورة دائمة حتى عام 1945. والآنُتعرضفيه بوسائل حديثة جًدا، صورة فصول من مسيرة الملك عبد العزيز واستعادته الحكم بقوة من مائة رجل. وقد أصبحت سلالات هؤلاء الرجال من العائلات البارزة في المملكة».
إلى اللقاء..