خالد أحمد الطراح 

خلال خمسة أيام فقط، شهدت الساحة السياسية الكويتية تناقضاً صارخاً في سياسات الحكومة، ففي 2017/1/22 ناقش المجلس الاعلى للتخطيط والتنمية «التوجه الحكومي في تنفيذ سياسة اصلاح اقتصادي» التي عرضها نائب رئيس الوزراء وزير المالية، على حد تعبير وزيرة الشؤون الاجتماعية وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية.


وقالت الوزيرة عقب الاجتماع ان الاجتماع تناول تقرير اللجنة الاقتصادية الذي «ركّز على خلق فرص مشجعة لمساهمة اوسع في تنمية الدولة وتنويع مصادر الانتاج الاقتصادي، بما يرفع عن كاهل الحكومة الاعباء المرهقة لموازنتها وهيمنة الدولة على معظم الانشطة الاقتصادية».
وذكرت الوزيرة في تصريح صحافي «التقرير تضمن اعادة هيكلة الدعم، على ان تكون الحكومة قدوة في ضبط المصروفات وترشيدها، وتركيز تقرير اللجنة الاقتصادية على مشروع الكويت 2035، الذي يصبو الى مشاركة المواطنين والقطاعين الخاص والعام في الانشطة الاقتصادية».
في 2017/1/26، نشرت القبس تقريرا تحت عنوان «الكويت الأكثر فساداً خليجياً»، حيث «حصدت» الدولة بفضل سياسات الحكومة تراجعا في مرتبة الفساد؛ إذ بلغت «الكويت المرتبة الــــ 75 عالميا والــ 7 عربيا في مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2016 والأخيرة خليجيا».
بين تاريخ انعقاد المجلس الاعلى وتاريخ نشر تقرير الفساد، عقدت الحكومة اجتماعها الاسبوعي من دون ان يتطرّق الى اي من الاجتماعين لآلية مواجهة الفساد وإعادة ثقة المواطن في السياسات الحكومية، وان الحكومة فعلا ممكن ان تكون «قدوة» في المجتمع كما جاء على لسان الوزيرة!
على الرغم من ردود الفعل السلبية والاستياء العارم بين اوساط المغردين وتعليقات ساخرة لعدد من المهتمين وفقا لتقرير القبس في 2017/1/27، فلم يصدر تعليق رسمي يبعث الامل حتى لو من ناحية شكلية، فمن غير المعقول الحديث عن «كويت 2035 و الحكومة القدوة»، بينما اصبحت «الكويت الأكثر فساداً خليجيا»!
تقارير كهذه يفترض ان تكون من اولويات الحكومة في تناولها، وتوضيح الموقف الرسمي في كيفية معالجة هذا التراجع المفزع في مرتبة الكويت على مستوى الفساد، والتصدي لمصادره وتحديد اسبابه وظروفه، فثمة تناقض صارخ في تحديد هدف خلق شراكة مع المجتمع او بين الحكومة والقطاع الخاص، والفساد بات عنوانا للكويت عالميا وعربياً وخليجياً!
أما بيان هيئة الفساد في (2017/1/31 القبس) في تبرير تراجع مرتبة الكويت فقد جاء إنشائيا، وان التراجع «خارج عن ارادة الهيئة ومؤسسات الدولة»، وبما معناه ان الفساد ظاهرة عالمية، من خلال «هبوط عام في درجات معظم دول العالم»!
كيف يمكن خلق تفاؤل بتباشير التخطيط والتنمية والسياسة المالية وتحول الحكومة الى «القدوة» في الوقت الذي تنتشر فيه آفة الفساد في كل ميادين العمل وهيئة الفساد تبرر أسباب مدركات الفساد محليا وعالميا، ولا تحمل اي جهة في البلد عن الابطال الدستوري لإنشاء الهيئة!
يبدو ان «كاهل الحكومة» قوي الى درجة تحمّل الفساد، وتتمتع الهيئة بصدر فسيح في تبرير الفساد أيضا!
الفساد مسؤولية دولة بكل مؤسساتها.
أعاننا الله تعالى على التعامل مع الفساد، وندعو العلي القدير أن يصبّرنا ويوسّع صدورنا، مثل ما تتمتع به الهيئة المعنية بالفساد!