أحمد الفراج

لم تمض الأسابيع الأولى من فترة الرئيس ترمب كما كان يرغب، فقد تكالب عليه خصومه، سواء الساسة الديمقراطيين، أو الإعلام المنحاز، وحتى أكون موضوعياً، فقد أسهم الرئيس بجزء يسير من ذلك، إذ أعلن خصومة مضادة للإعلام، وهي خصومة يبررها بعض المعلقين، حيث وقف الإعلام التقليدي موقفاً سلبياً منه، منذ اللحظة التي أعلن فيها ترشحه للرئاسة، وغني عن القول أنه لم يكن أحد يعتقد أن ترمب سيفوز بترشيح الحزب الجمهوري، ناهيك عن الرئاسة. 

هذا، ولكن اتضح أنه يتكئ على قاعدة شعبية كبيرة، أي المواطنين الأمريكيين، الذين فقدوا الثقة بواشنطن وساستها، وكانوا يبحثون عن زعيم من خارج المؤسسة الرسمية، ثم وجدوا ضالتهم في ترمب، والذي قطع لهم الوعود بأنه سينتزع واشنطن من مخالب اللوبيات المتنفذة، ويعيدها للشعب الأمريكي!

مع بداية حملة ترمب، كتبتُ مقالاً هنا، تحدثت فيه عن أنه ترشح للرئاسة، بهدف الترويج لشركاته التجارية، ثم تفاجأنا جميعاً باكتساحه لرموز الحزب الجمهوري، في انتخابات الحزب التمهيدية، وأجبر الحزب على الاعتراف بترشحه، ثم فاز بالرئاسة، في حدث يعتبر أحد أبرز مفاجآت القرن. 

ومع أن ترمب بدأ، بعد فوزه بالرئاسة، حريصاً على المصالحة مع خصومه، واستضاف أشرس خصومه الجمهوريين، الحاكم ميت رومني، المرشح الرئاسي السابق، وقيل حينها إنه سيرشحه لمنصب وزير الخارجية، إلا أنه سرعان ما تخلى عن رومني، وعاد مجدداً للصراع مع الإعلام، والديمقراطيين، وحتى بعض الرموز الجمهورية، وغني عن القول إن الإعلام الأمريكي شرس في خصومته، ووجد في ترمب خصماً يسهل استفزازه، والخصومة مع الإعلام تشبه مصارعة الخنزير، كما يقول السياسي البريطاني تشرشل، إذ إنك تتسخ في كل الحالات. ومع الوقت، أخذ انحياز الإعلام ضد ترمب أبعاداً كبيرة.

عندما أصدر الرئيس ترمب أمراً تنفيذياً يمنع دخول مواطني بعض الدول إلى أمريكا، لمدة تسعين يوماً، وذلك بسبب ضعف الإجراءات الأمنية في تلك الدول، أصرَّ الإعلام، ولا يزال، على أن هذا المنع يخص المسلمين، رغم أنه لم يشمل معظم الدول الإسلامية! 

والأدهى أن الإعلام ذاته لم ينبس ببنت شفة، عندما أصدر الرئيس أوباما أمراً تنفيذياً مشابهاً، في عام 2011، يمنع دخول مواطني العراق إلى أمريكا، لمدة ستة أشهر! ومع أن معظم الإعلام منحاز ضد ترمب، إلا أن قنوات السي أن أن، والأن بي سي، وجريدة النيويورك تايمز، ذهبوا بعيداً في خصومته مع ترمب، بل تخصصوا في تضحيم كل خطأ بسيط، ومن سوء حظ إدارة ترمب أن مستشار الأمن القومي، الجنرال مايكل فلن، اضطر للاستقالة، تحت وطأة فضيحة التدخل الروسي في سير الانتخابات الأمريكية، وبالتأكيد وجدها الإعلام «المنحاز أصلاً» فرصة لا تعوض لتصعيد الهجوم على ترمب وإدارته.. وهذا سيكون موضوع المقال القادم.